للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَانِيهَا: أَنَّهُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا - لِأَنَّهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ وَلَمْ يُدْرِكْ ابْنَ عُمَرَ.

وَرَابِعُهَا: أَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهِيَ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ لَهُ وَإِنَّمَا كَانَ بَيْنَ أَوْلَادِ الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ شَرٌّ وَمُقَاتَلَةٌ فَتَعَصَّبَتْ بُيُوتَاتُ بَنِي عَدِيٍّ بَيْنَهُمْ فَأَتَى الْغُلَامُ الْمَذْكُورُ لَيْلًا وَالضَّرْبُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ فِي الظَّلَّامِ - وَهَذَا الْغُلَامُ هُوَ زَيْدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَأَصَابَهُ حَجَرٌ لَا يُدْرَى مَنْ رَمَاهُ وَقَدْ قِيلَ - ظَنًّا -: إنَّ خَالِدَ بْنَ أَسْلَمَ أَخَا زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ - وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَنْ هُوَ فِي الظُّلْمَةِ - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ أَخُوهُ يَقُولُ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ: اتَّقِ اللَّهَ يَا زَيْدُ فَإِنَّك لَا تَعْرِفُ مَنْ أَصَابَك، فَإِنَّك كُنْت فِي ظُلْمَةٍ وَاخْتِلَاطٍ - فَهَكَذَا كَانَتْ قِصَّتُهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ هُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِنَفْسِهِ: فَتَمْوِيهٌ ضَعِيفٌ - لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ الَّتِي هُوَ أَوْلَى بِهَا إنَّمَا هِيَ مَا كَانَ حَاكِمًا فِيهَا بَعْدَ حُلُولِهَا بِهِ، وَهَذَا حَقٌّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا عَاشَ بَعْدَهَا، فَاخْتَارَ مَا لَهُ أَنْ يَخْتَارَ، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ عِنْدَنَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي جِنَايَةٍ لَمْ تَحْدُثْ بَعْدُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ لَهُمْ مُتَعَلِّقٌ إلَّا قَوْله تَعَالَى فِي قَتْلِ الْخَطَأِ {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] وَمَنْ تَصَدَّقَ بِدَمٍ نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ.

فَوَجَدْنَا قَوْله تَعَالَى فِي قَتْلِ الْخَطَأِ {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢]

وَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] إلَى قَوْله تَعَالَى {إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: ٣٣] وَلَا قَتْلَ إلَّا عَمْدٌ أَوْ خَطَأٌ. فَصَحَّ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ فَرْضٌ أَنْ تُسَلَّمَ إلَى أَهْلِهِ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَحَرَامٌ عَلَى الْمَقْتُولِ أَنْ يُبْطِلَ تَسْلِيمَهَا إلَّا مَنْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِمْ، وَحَرَامٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُنَفِّذَ حُكْمَ الْمَقْتُولِ فِي إبْطَالِ تَسْلِيمِ الدِّيَةِ إلَى أَهْلِهِ - فَهَذَا بَيَانٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ. وَصَحَّ بِنَصِّ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمِهِ الَّذِي لَا يُرَدُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ - سُلْطَانًا، وَجَعَلَ إلَيْهِ الْقَوَدَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يُسْرِفَ، فَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>