عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَمَرَ بِقَتْلِ أَبِيك قَالَ: مَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ قَالَ: النَّارُ، قَالَ مَسْرُوقٌ: فَرَضِيتُ لَكَ مَا جَعَلَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا» .
قَالَ عَلِيٌّ: فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ: أَنَّ الْآمِرَ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ [الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ] فَاعِلًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ - عَلَى حَسَبِ مَا جَاءَتْ بِهِ اللُّغَةُ - فَسَمَّى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - وَهُمْ الْحُجَّةُ فِي اللُّغَةِ - مَنْ أَمَرَ بِرَجْمِ آخَرَ فَرَجَمَ - رَاجِمًا لِلْمَرْجُومِ. وَسَمَّى أَيْضًا نَفْسَهُ - رَاجِمًا - وَسَمَّى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاجِمًا - وَهُوَ لَمْ يَحْضُرْ رَجْمًا -: كَمَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ نا حَمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّهَاوِيُّ نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ زَنَيْتُ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: انْطَلِقُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِهِ، فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ أَدْبَرَ يَشْتَدُّ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فِي يَدِهِ لَحْيُ جَمَلٍ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِرَارُهُ حِينَ مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ؟ فَقَالَ: فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ؟» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفْسَهُ - قَاطِعًا يَدَ السَّارِقِ - وَإِنَّمَا تَوَلَّى الْقَطْعَ غَيْرُهُ - وَلَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَإِنَّمَا تَوَلَّى قَتْلَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَهَكَذَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا رُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَرَجْمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: جَلَدْتُكِ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتُكِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذْ مَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ وَكَانَ مُتَوَلِّي الْقَتْلِ مُطِيعًا لِلْآمِرِ مُنَفِّذًا لِأَمْرِهِ، وَلَوْلَا أَمْرُهُ إيَّاهُ لَمْ يَقْتُلْهُ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ وَالشَّرِيعَةِ - قَاتِلًا - وَقَاطِعًا - صَحَّ أَنَّهُمَا جَمِيعًا قَاتِلَانِ، وَقَاطِعَانِ، وَجَالِدَانِ، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا مَا عَلَى الْقَاتِلِ، وَالْقَاطِعِ، وَالْجَالِدِ، مِنْ الْقَوَدِ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُكْرِهُ، وَالْآمِرُ، وَالْمُنْطَاعُ - وَهَذَا بُرْهَانٌ ضَرُورِيٌّ لَا مَحِيدَ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute