للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَاسَ عِنْدَ جَمِيعِ الْقَائِلِينَ بِهِ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ لِمَسْكُوتٍ عَنْهُ بِحُكْمٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، أَوْ بِحُكْمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِحُكْمٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَرُدَّ الْفَرْعَ إلَى الْأَصْلِ بِنَوْعٍ مِنْ الشَّبَهِ، وَلَيْسَ هَاهُنَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَصْلًا - فَبَطَلَ بِإِقْرَارِهِمْ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا، إذْ بِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ الْمَأْمُورَ لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ السَّيْفِ، وَالسَّوْطِ، لِأَنَّ عَلِيًّا رَأَى عَلَى الْمَأْمُورِ السَّجْنَ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا سَجْنَ عَلَى السَّيْفِ، وَلَا السَّوْطِ.

فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ عَلِيٌّ قَطُّ لِلْمَأْمُورِ بِالْحُكْمِ فِي السَّيْفِ، وَالسَّوْطِ، فَبَطَلَ الْإِيهَامُ جُمْلَةً.

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَرَأَيْت لَوْ أَهْدَى مَعَهُ هَدِيَّةً، مَنْ الَّذِي أَهْدَاهَا؟ " فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَمَا حُكْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَطُّ لِلْقَاتِلِ الْمَأْمُورِ بِمِثْلِ الْحُكْمِ فِي حَامِلِ الْهَدِيَّةِ، بَلْ الْحُكْمُ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ حَامِلَ الْهَدِيَّةِ، وَمُهْدِيَهَا: يُشْكَرَانِ، وَالْآمِرُ، وَالْقَاتِلُ: يُقْتَلُ، وَيُلَامَانِ - وَهَذَا لَوْ كَانَ قِيَاسًا لَكَانَ قِيَاسًا لِلشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ، وَلَوْ كَانَ قِيَاسًا لَا يُوجِبُ اتِّفَاقًا فِي الْحُكْمِ - وَهَذَا هُوَ تَرْكُ الْقِيَاسِ حَقًّا، وَإِنَّمَا هُوَ تَشْبِيهٌ فَقَطْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: ثُمَّ نَرْجِعُ إلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي كُنَّا فِيهَا فَنَقُولُ: إنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا - كَمَا ذَكَرْنَا - وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا، إذْ يَقُولُ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] فَفَعَلْنَا فَوَجَدْنَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا جَمِيعًا: نا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ آيَةَ الرَّجْمِ، قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ - أَيْضًا - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّهُ «أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: هَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» .

وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ أَرَادَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَسْرُوقًا، فَقَالَ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ: أَتَسْتَعْمِلُ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا قَتَلَةِ عُثْمَانَ؟ فَقَالَ مَسْرُوقٌ: حَدَّثَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>