قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِأَنْ تَغْرَمَ الْعَاقِلَةُ جَرِيرَةَ غَيْرِهَا؟ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .
وَقَالَ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ: مَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ التَّمِيمِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْهَاشِمِيُّ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا شَقِيقٌ ني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ عَنْ زِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي فَقَالَ: مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: ابْنِي أَشْهَدُ بِهِ، قَالَ: أَمَا إنَّك لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْك» .
نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدٌ نا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ نا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ نا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ نا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ - هُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ - عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْيَرْبُوعِيِّ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ قَتَلُوا فُلَانًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَتَفَ بِصَوْتِهِ: أَلَا لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى» .
وَبِهِ: إلَى مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ نا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ نا شُعْبَةُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: سَمِعْت الْأَسْوَدَ بْنَ هِلَالٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ: «أَنَّ نَاسًا مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ أَتَوْا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوعٍ قَتَلُوا فُلَانًا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَجَوَابُنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ - وَإِنْ كَانَ فِي أَسَانِيدِهَا مُعْتَرِضٌ - فَإِنَّ مَعْنَاهَا صَحِيحٌ، وَفِي الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرْتُمْ كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُنْتَظِمَةٌ لِمَعْنَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
ثُمَّ نَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: نَعَمْ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِأَنْ {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] وَأَنَّ {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١] وَنَعَمْ، لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute