للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَانِي، وَإِنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؟ فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ نَعْلَمُهَا أَصْلًا - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ، إذْ كُلُّ قَوْلٍ لَا حُجَّةَ لَهُ، فَهُوَ سَاقِطٌ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي - فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ: مَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَّفَ بَيْنَ النَّاسِ فِي مَعَاقِلِهِمْ فَكَانَتْ بَنُو سَاعِدَةَ فُرَادَى عَلَى مَعْقُلَةٍ يَتَعَاقَلُونَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَصَاعِدًا، وَيَكُونُ مَا دُونَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ اكْتَسَبَ وَجَنَى» .

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: «عَاقَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ: فَجَعَلَ الْعَقْلَ بَيْنَهُمْ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ» .

وَمَا ناه حُمَامٌ نا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ نا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ نا مُوسَى بْنُ شَيْبَةَ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنَّا فِي جَاهِلِيَّتِنَا وَإِنَّمَا نَحْمِلُ مِنْ الْعَقْلِ مَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَنُؤْخَذُ بِهِ حَالًّا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَنَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يَتَجَازَى، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ كُنَّا فِيمَنْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَعَاقِلِ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ: ثُلُثَ الدِّيَةِ - رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الِاحْتِجَاجِ، فَوَجَدْنَاهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ عَنْ رَبِيعَةَ مُرْسَلَانِ.

أَمَّا الْمُسْنَدُ - فَهَالِكٌ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، تُرِكَ بِأَخَرَةٍ - وَهُوَ أَيْضًا عَنْ الْوَاقِدِيِّ، وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ.

ثُمَّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ.

وَرُبَّ مُرْسَلٍ أَصَحَّ مِنْ هَذَا قَدْ تَرَكُوهُ، كَالْمُرْسَلِ فِي: أَنَّ فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ: ثُلُثَ دِيَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ مُرْسَلٌ عَنْ ابْنِ سَمْعَانَ وَابْنِ سَمْعَانَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ.

وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بِمَا هُوَ أَصَحُّ مِنْ حُكْمِهِ: فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ رُبُعُ ثَمَنِهَا، وَكِتَابُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>