للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَإِنْ حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ مَعَ دَعْوَى الْمُصَابِ كَانَ لَهُمْ الْقَوَدُ، فَإِنْ عَفَوْا عَنْ الدَّمِ وَأَرَادُوا الدِّيَةَ قُضِيَ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَجُلِدَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُمْ مِائَةً مِائَةً، وَحُبِسُوا سَنَةً، وَإِنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْ الْقَوَدِ وَعَنْ الدِّيَةِ: فَلَا ضَرْبَ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُمْ، وَلَا سَجْنَ، فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ أَوْلِيَائِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ نَكَلُوا غَرِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ خَاصَّةً.

وَأَنَّ الْقَسَامَةَ تَكُونُ مَعَ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ، أَوْ النِّسَاءِ، أَوْ الْيَهُودِ، أَوْ النَّصَارَى كَمَا قُلْنَا فِي دَعْوَى الْقَتِيلِ سَوَاءً سَوَاءً وَلَا فَرْقَ.

وَأَنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدَّدُ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يُتِمُّوا خَمْسِينَ، فَإِنْ كَانَ دَعْوَى قَتْلِ عَمْدٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفَ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى قَتْلِ خَطَأٍ: حَلَفَ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ - إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ - خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَ الدِّيَةَ.

وَيَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ مَنْ أَرَادَ الْقَوَدَ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا - وَلَا يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْخَطَأِ إلَّا مَنْ يَرِثُ - وَكُلُّ هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سَمْعَانَ وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِالْكَذِبِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذَا كُلُّ مَا حَضَرَنَا ذِكْرُهُ: أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمْ - وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ - كَمَا تَرَى غَيْرُ مُتَّفِقِينَ؟ وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ - فَنَذْكُرُ أَيْضًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَقْوَالِهِمْ مَا يَسَّرَ.

فَأَمَّا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ: إنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَوْمٍ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَإِنْ أَتَوْا بِهَا قُضِيَ لَهُمْ بِالْقَوَدِ، وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَغَرِمُوا الدِّيَةَ مَعَ ذَلِكَ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ: مَنْ ضُرِبَ فَجُرِحَ فَعَاشَ صِمِّيتًا ثُمَّ مَاتَ فَالْقَسَامَةُ تَكُونُ حِينَئِذٍ، فَيَحْلِفُ الْمُدَّعُونَ: لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ إيَّاهُ، فَإِنْ حَلَفُوا خَمْسِينَ يَمِينًا كَذَلِكَ اسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ، وَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ خَمْسُونَ: مَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ إيَّاهُ، وَيَغْرَمُونَ الدِّيَةَ مَعَ ذَلِكَ فَالْجُرْحُ خَاصَّةً لَا فِي النَّفْسِ، فَإِنْ نَكَلَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا غَرِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ نِصْفَ الدِّيَةِ - ذَهَبَ إلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ: قُلْت لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ؟ قَالَ، لَا، قُلْت: فَأَبُو بَكْرٍ، قَالَ: لَا، قُلْت: فَعُمَرُ، قَالَ: لَا، قُلْت: فَكَيْفَ تَجْتَرِئُونَ عَلَيْهَا؟ فَسَكَتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>