للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَعْمَرٌ: فَقُلْت ذَلِكَ لِمَالِكٍ؟ فَقَالَ: لَا تَضَعُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحِيَلِ، لَوْ اُبْتُلِيَ بِهَا أَقَادَ بِهَا.

وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِيمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِمْ بِقَتِيلٍ وُجِدَ فِيهِمْ: فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِينَ وَيُقْضَى لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، وَبَرِئُوا، وَلَا غَرَامَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَا دِيَةَ، وَلَا قَوَدَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا تَكُونُ الْقَسَامَةُ بِدَعْوَى الْمُصَابِ أَصْلًا، وَلَا قَوَدَ فِي ذَلِكَ، وَلَا دِيَةَ، لَكِنْ إنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ وَبِهِ أَثَرٌ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ، وَادَّعَوْا عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْهُمْ؟ فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ بَيِّنَةُ عَدْلٍ قُضِيَ لَهُمْ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ، لَا مِنْ السُّكَّانِ، وَلَا مِنْ الَّذِينَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ مِلْكُ الْخِطَّةِ بِالشِّرَاءِ، لَكِنْ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا مَالِكِينَ لَهَا فِي الْأَصْلِ، يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ، فَإِنْ نَقَصَ مِنْهُمْ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ - فَإِذَا حَلَفُوا غَرِمُوا الدِّيَةَ مَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلُوا سُجِنُوا أَبَدًا حَتَّى يُقِرُّوا أَوْ يَحْلِفُوا.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَكُونُ الْقَسَامَةُ إلَّا بِأَنْ يَقُولَ الْمُصَابُ: فُلَانٌ قَتَلَنِي عَمْدًا، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ: حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ قِيَامًا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ: لَقَدْ قَتَلَهُ فُلَانٌ عَمْدًا؟ فَإِذَا حَلَفُوا، فَإِنْ حَلَفُوا عَلَى وَاحِدٍ فَلَهُمْ الْقَوَدُ مِنْهُ، وَإِنْ حَلَفُوا عَلَى جَمَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْقَوَدُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ، وَيُضْرَبُ الْبَاقُونَ مِائَةً مِائَةً، وَيُسْجَنُونَ سَنَةً - فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ: بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا كَانَتْ الْقَسَامَةُ أَيْضًا كَمَا ذَكَرْنَا.

وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ لَوْثٌ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ غَيْرِ عُدُولٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَمْسِينَ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ حَتَّى يَتِمَّ خَمْسِينَ - وَلَا يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ: فُلَانٌ قَتَلَنِي، غَيْرَ بَالِغٍ، فَلَا قَسَامَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَا قَوَدَ، وَلَا غَرَامَةَ: قَالَ: فَإِنْ نَكَلَ جَمِيعُ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسِينَ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ: بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ وَوَجَبَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>