للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً - فَذَكَرَ حَدِيثَ الْبَقَرَةِ - فَذَبَحُوهَا فَضَرَبُوهُ بِبَعْضِهَا، فَقَامَ، فَقَالُوا: مَنْ قَتَلَك؟ فَقَالَ: هَذَا - لِابْنِ أَخِيهِ - ثُمَّ مَالَ مَيِّتًا، فَلَمْ يُعْطَ ابْنُ أَخِيهِ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، وَلَمْ يُوَرَّثْ قَاتِلٌ بَعْدُ.

وَبِهِ - إلَى ابْنِ الْجَهْمِ نا الْوَزَّانُ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا سُفْيَانُ بْنُ سُوقَةَ، قَالَ: سَمِعْت عِكْرِمَةَ يَقُولُ: كَانَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ مَسْجِدٌ لَهُ اثْنَا عَشَرَ بَابًا، لِكُلِّ سَبْطٍ بَابٌ فَوَجَدُوا قَتِيلًا قُتِلَ عَلَى بَابٍ فَجَرُّوهُ إلَى بَابٍ آخَرَ، فَتَدَاعَوْا قَتْلَهُ، وَتَدَارَى الشَّيْطَانُ فَتَحَاكَمُوا إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] فَذَبَحُوهَا، فَضَرَبُوهُ بِفَخِذِهَا، فَقَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ - وَكَانَ رَجُلًا لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ - وَكَانَ ابْنُ أَخِيهِ قَتَلَهُ - وَفِي حَدِيثِ الْبَقَرَةِ زِيَادَةٌ اقْتَصَرْتهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَكُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ هَذَا فَإِيهَامٌ وَتَمْوِيهٌ عَلَى الْمُغْتَرِبِينَ: أَمَّا الْآيَةُ فَحَقٌّ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا فِيهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بَنِي إسْرَائِيلَ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ صَفْرَاءَ فَاقِعٍ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ، مُسَلَّمَةٍ لَا شِيَةَ فِيهَا غَيْرِ ذَلُولٍ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ لَا فَارِضٍ وَلَا بِكْرٍ عَوَانٍ بَيْنَ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا قَتَلُوا قَتِيلًا فَتَدَارَءُوا فِيهِ، فَأَمَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا، إذْ ذَبَحُوهَا {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} [البقرة: ٧٣] .

وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، لَا أَنَّ الْمَقْتُولَ ادَّعَى عَلَى أَحَدٍ، وَلَا أَنَّهُ قُتِلَ بِهِ، وَلَا أَنَّهُ كَانَتْ فِيهِ قَسَامَةٌ، فَكُلُّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَكُلُّ مَا أَقْحَمُوهُ بِآرَائِهِمْ فِي الْآيَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ - فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ مُتَعَلَّقٌ أَصْلًا.

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَوَجَدْنَاهَا كُلَّهَا مُرْسَلَةً، لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، إلَّا الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مُتَعَلَّقٌ ثُمَّ لَوْ صَحَّتْ الْأَخْبَارُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَكَانَتْ كُلُّهَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا لِوُجُوهٍ: أَوَّلُهَا - أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ، وَلَا يَلْزَمُنَا مَا كَانَ فِيهِمْ، فَقَدْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>