للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِمْ السَّبْتُ، وَتَحْرِيمُ الشُّحُومِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ - وَلَا يَلْزَمُنَا إلَّا مَا أَمَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ - فَذَكَرَ فِيهَا -: أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ: إنَّمَا كَانَ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثَ هُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ» .

فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَسَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُبْعَثُوا إلَيْنَا، فَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ شَرَائِعَ مَنْ لَمْ يُبْعَثْ إلَيْنَا لَيْسَتْ لَازِمَةً لَنَا، وَإِنَّمَا يَلْزَمُنَا الْإِقْرَارُ بِنُبُوَّتِهِمْ فَقَطْ.

وَثَانِيهَا - أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا فِي شَيْءٍ مِنْ دَعْوَى الدِّمَاءِ ذَبْحُ بَقَرَةٍ - وَصَحَّ بُطْلَانُ احْتِجَاجِهِمْ بِتِلْكَ الْأَخْبَارِ، إذْ لَيْسَ فِيهَا أَنْ يُسْمَعَ مِنْ الْمَقْتُولِ بَعْدَ: أَنْ تُذْبَحَ بَقَرَةٌ وَيُضْرَبَ بِهَا.

وَثَالِثُهَا - أَنَّ تِلْكَ الْأَخْبَارَ فِيهَا مُعْجِزَةُ نَبِيٍّ وَإِحَالَةُ الطَّبِيعَةِ مِنْ إحْيَاءِ مَيِّتٍ - فَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ نُصَدِّقَ حَيًّا قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا تَصْدِيقَهُ عَلَى غَيْرِ نَفْسِهِ مُمْكِنًا مِنْهُ الْكَذِبُ مِنْ أَجْلِ أَنْ صَدَّقَ بَنُو إسْرَائِيلَ مَيِّتًا أَحْيَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ مَوْتِهِ - وَهَذَا ضِدُّ الْقِيَاسِ بِلَا شَكٍّ، وَضِدُّ مَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِلَا شَكٍّ.

وَالْأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَرِيبٌ، فَلْيُرُونَا مَقْتُولًا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ إلَيْهِ بِحَضْرَةِ نَبِيٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَيُخْبِرُنَا بِالشَّيْءِ وَنَحْنُ حِينَئِذٍ نُصَدِّقُهُ، وَأَمَّا أَنْ نُصَدِّقَ حَيًّا يَدَّعِي عَلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ أَبْطَلُ الْبَاطِلِ بِعَيْنِهِ، فَذِكْرُهُمْ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَهَذِهِ الْأَخْبَارِ: قَبِيحٌ، لَوْ تَوَرَّعَ عَنْهُمْ لَكَانَ أَسْلَمَ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ.

وَذَكَرُوا - مَا رُوِّينَاه مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِيِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ يَحْيَى: نا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثُمَّ اتَّفَقَ خَالِدٌ، وَمُحَمَّدٌ: كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ فَجِيءَ بِهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهَا رَمَقٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>