للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُلَمَائِنَا يَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ تَكُونُ فِي الْخَطَأِ عَلَى الْوَارِثِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ خَطَأً إلَّا وَارِثٌ وَاحِدٌ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا مُرَدَّدَةً ثُمَّ يُدْفَعُ إلَيْهِ الدِّيَةَ: فَإِنْ كَانُوا ابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ، لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُمَا فَطَاعَ أَحَدُهُمَا بِالْقَسَامَةِ وَأَبَى الْآخَرُ، فَعَلَى الَّذِي طَاعَ بِالْقَسَامَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مُرَدَّدَةٌ عَلَيْهِ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ شَيْءٌ: فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ ثَلَاثَةَ رَهْطٍ كَانَتْ الْقَسَامَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا، فَإِنْ لَمْ تَنْفُقْ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمْ جُعِلَ الْفَضْلُ عَلَى الِاثْنَيْنِ فَالِاثْنَيْنِ وَأَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى الْوَرَثَةِ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالزُّهْرِيِّ: أَنَّ تَرْدِيدَ الْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ لَا يَجُوزُ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ حَدَثٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ، وَأَنَّ أَوَّلَ مَنْ رَدَّدَ الْأَيْمَانَ مُعَاوِيَةُ فِي الْقَسَامَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا خَبَرٌ مُرْسَلٌ لَوْ وَجَدُوا مِثْلَهُ لَطَارُوا بِهِ.

فَصَحَّ أَنْ لَا قَسَامَةَ إلَّا بِخَمْسِينَ يَحْلِفُونَ: أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ صَاحِبَنَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَيْفَمَا عَلِمُوا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ نَقَصَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَصَاعِدًا بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ وَعَادَ الْأَمْرُ إلَى حُكْمِ التَّدَاعِي، وَيَحْلِفُونَ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَهُمْ قُعُودٌ حَيْثُ كَانَتْ وُجُوهُهُمْ: بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ، لَا يُكَلَّفُونَ زِيَادَةً عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» وَلَا فَرْقَ بَيْنَ زِيَادَةِ " الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ " وَزِيَادَةِ " الْمِلْكِ الْقُدُّوسِ السَّلَامِ الْمُؤْمِنِ الْمُهَيْمِنِ الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ الْمُتَكَبِّرِ " وَكُلُّ هَذَا حُكْمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى نَصٌّ، وَلَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا أَوْجَبَهُ قِيَاسٌ، وَلَا نَظَرٌ.

وَكَذَلِكَ لَا يُكَلَّفُونَ الْوُقُوفَ عِنْدَ الْيَمِينِ، وَلَا صَرْفَ وُجُوهِهِمْ إلَى الْقِبْلَةِ، وَلَا يَنْزِعُوا أَرْدِيَتَهُمْ أَوْ طَيَالِسَتَهُمْ - وَكُلُّ هَذِهِ أَحْكَامٌ لَمْ يَأْتِ بِهَا نَصُّ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٌ لَا صَحِيحَةٌ، وَلَا سَقِيمَةٌ، وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا نَظَرٌ.

فَإِنْ قَالُوا: هُوَ تَهْيِيبٌ لِيَرْتَدِعَ الْكَاذِبُ؟ قِيلَ لَهُمْ: وَهُوَ تَشْهِيرٌ وَإِنْ أَرَدْتُمْ التَّهْيِيبَ فَأَصْعِدُوهُ الْمَنَارَ، أَوْ ارْفَعُوهُ عَلَى الْمَنَارِ، أَوْ شُدُّوا وَسَطَهُ بِحَبْلٍ وَجَرِّدُوهُ فِي سَرَاوِيلَ - وَكُلُّ هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>