للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَأَنْ يَحْلِفَ فِي الْجَامِعِ إلَّا إنْ كَانَ مَجْلِسُ الْحَاكِمِ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَلَى الْمُحَلَّفِ كُلْفَةُ حَرَكَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، بَلْ إنَّمَا جَاءَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمُعَاوِيَةَ أَنَّ عُمَرَ جَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فِي الْقَسَامَةِ مِنْ الْيَمَنِ إلَى مَكَّةَ وَمِنْ الْكُوفَةِ إلَى مَكَّةَ لِيَحْلِفُوا فِيهَا.

وَعَنْ مُعَاوِيَةَ ثَابِتٌ: أَنَّهُ حَمَلَهُمْ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ لِلتَّحْلِيفِ فِي الْحَطِيمِ أَوْ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ مُخَالِفُونَ لَهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي ذَلِكَ، وَهُمْ الْآنَ يَحْتَجُّونَ عَلَيْنَا بِهِمَا فِي التَّرْدِيدِ الَّذِي قَدْ خَالَفُوهُمَا أَيْضًا فِيهِ نَفْسِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَنَجْمَعُ هَاهُنَا حُكْمَ الْقَسَامَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ قَوْمٍ، أَوْ فِي صَحْرَاءَ، أَوْ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ فِي سُوقٍ، أَوْ فِي دَارِهِ.

أَوْ حَيْثُ وُجِدَ، فَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى وَاحِدٍ، أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مَا قَالُوهُ وَادَّعَوْهُ حَقًّا، وَلَمْ يُتَيَقَّنْ كَذِبُهُمْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُونَ خَمْسِينَ بَالِغًا، عَاقِلًا، مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ مِنْ عَصَبَةِ الْمَقْتُولِ، لَا نُبَالِي وَرَثَةً أَوْ غَيْرَ وَرَثَةٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، أَوْ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ ".

ثُمَّ لَهُمْ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ، أَوْ الْمُفَادَاةُ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا، وَقَالُوا: لَا نَدْرِي مَنْ قَتَلَهُ بِعَيْنِهِ: حَلَفَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ خَمْسُونَ كَذَلِكَ، أَوْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ، يَقُولُ كُلُّ حَالِفٍ مِنْهُمْ " بِاَللَّهِ مَا قَتَلْتُ " وَلَا يُكَلَّفُ أَكْثَرَ وَيُبَرَّءُونَ - فَإِنْ نَكَلُوا أُجْبِرُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْيَمِينِ - أَحَبُّوا أَمْ كَرِهُوا - حَتَّى يَحْلِفَ خَمْسُونَ مِنْهُمْ كَمَا قُلْنَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَقُولُوا " وَلَا عَلِمْنَا قَاتِلًا "؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْمَرْءِ بِمَنْ قَتَلَ فُلَانًا إنَّمَا هِيَ شَهَادَةٌ، فَإِنْ أَدَّاهَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ.

فَإِنْ قَبِلَ: قُبِلَ، فَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ أَحَدٌ شَهَادَةً عِنْدَهُ لِيُؤَدِّيَهَا بِلَا خِلَافٍ.

فَإِنْ نَقَصَ عَصَبَةَ الْمَقْتُولِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ مِنْ خَمْسِينَ، أَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ وَفِيهِ حَيَاةٌ، أَوْ لَمْ يُرِدْ الْخَمْسُونَ أَنْ يَحْلِفُوا وَلَا رَضُوا بِأَيْمَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَقَدْ بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ.

فَأَمَّا فِي نُقْصَانِ الْعَدَدِ عَنْ خَمْسِينَ، وَفِي وُجُودِ الْقَتِيلِ حَيًّا، فَلَيْسَ فِي هَذَا إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>