للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِمَاءِ {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] فَكَانَ هَذَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ، وَقَالَ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْإِمَاءَ فَقَطْ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] وَأَبْقَى الْعَبِيدَ فَلَمْ يَخُصَّ كَمَا خَصَّ الْإِمَاءَ " وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخُصَّ الْعَبِيدَ مَعَ الْإِمَاءِ فَيَقْتَصِرَ عَلَى ذِكْرِ الْإِمَاءِ وَيُمْسِكَ عَنْ ذِكْرِ الْعَبِيدِ وَيُكَلِّفَنَا مِنْ ذَلِكَ عِلْمَ الْغَيْبِ وَمَعْرِفَةَ مَا عِنْدَهُ مِمَّا لَمْ يُعَرِّفْنَا بِهِ، حَاشَا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا

وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى هَاهُنَا أَمَةً مِنْ حُرَّةٍ، وَلَا عَبْدًا مِنْ حُرٍّ

وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا تُجْلَدَ الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ فِي الْقَذْفِ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَيَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَأْمُرُنَا بِجَلْدِ مَنْ قَذَفَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَلَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ لَنَا، أَفِي حُرٍّ دُونَ عَبْدٍ؟ وَفِي حُرَّةٍ دُونَ أَمَةٍ؟ وَهَذَا خِلَافُ قَوْله تَعَالَى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨]

وقَوْله تَعَالَى {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩]

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]

فَكَانَ حَدُّ الْقَذْفِ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَحَدُّ الزِّنَى مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَتَعَدَّى مَا حَدَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا؟ وَحَدَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقَذْفِ ثَمَانِينَ، وَفِي الزِّنَى مِائَةً، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَدَّى مَا حَدَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَحَدِهِمَا إلَى مَا حَدَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآخَرِ

فَوَاضِحٌ بِلَا شَكٍّ أَنَّ حَمْلَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ حُرٍّ، أَوْ حُرَّةٍ: فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ، وَسِوَى مَا خَالَفَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] فَقُلْتُمْ: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>