صِحَّةِ التَّوْبَةِ أَوْ كَذِبِهَا - إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ إلَّا الظَّاهِرَ الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ، أَوْ كُفْرًا رَجَعُوا عَنْهُ فَأَظْهَرُوا التَّوْبَةَ مِنْهُ.
وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَنْتَهُوا، لَمْ يَبْعُدْ عَنْ الْكُفْرِ، لِأَنَّهُ يَكْذِبُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُخْبِرُ أَنَّهُ تَعَالَى بَدَّلَ سُنَّتَهُ الَّتِي قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُبَدِّلُهَا أَوْ بَدَّلَهَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكُلُّ مَنْ وَقَفَ عَلَى هَذَا وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ثُمَّ تَمَادَى فَهُوَ كَافِرٌ، لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ مُجَوِّرٌ لِرَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ كُفْرٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ مَنْ خَذَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ: مَا انْتَهَوْا وَلَا أَغْرَاهُ بِهِمْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: نَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا، فَإِنَّ قَائِلَهُ آفِكٌ كَاذِبٌ، عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَحِلُّ لَهُ الْكَلَامُ فِي الدِّينِ - وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ.
وَقَالَ تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} [الأنعام: ٢٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: ١٤] ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فَقَدْ طَبَعَ عَلَى قَلْبِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي عَصَى فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَطْبَعْ عَلَى قَلْبِهِ فِيهِ لَمَا عَصَى؟ فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ مُنَافِقِينَ فَإِعْلَانُهُمْ بِالتَّوْبَةِ مَاحٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْبَاطِنِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ تَعَالَى {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ} [محمد: ٢٠] إلَى قَوْلِهِ {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [محمد: ٢١] ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّظَرُ يُبَيِّنُ مُعْتَقَدَهُمْ وَإِظْهَارَهُمْ الْإِسْلَامَ تَوْبَةً تَصِحُّ بِهِ قَبُولُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ النَّظَرُ دَلِيلًا يَتَمَيَّزُونَ بِهِ فَهُمْ كَغَيْرِهِمْ وَلَا فَرْقَ.
وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ} [محمد: ٢٥] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد: ٢٦] ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ صِفَةٌ مُجْمَلَةٌ لِمَنْ ارْتَدَّ مُعْلِنًا أَوْ مُسِرًّا، وَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute