حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ نا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُجَيْرَمِيُّ نا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ نا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ نا سَلَّامٍ بْنِ سُلَيْمَانَ - هُوَ أَبُو الْأَحْوَصِ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، بَيْنَ: عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْكِلَابِيِّ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمِيِّ، وَزَيْدِ الْخَيْرِ الطَّائِيِّ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ، وَقَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: إنَّمَا أَعْطَيْتُهُمْ أَتَأَلَّفُهُمْ، فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إنْ عَصَيْتُهُ أَنَا؟ أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي؟ فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ فِي قَتْلِهِ، فَأَبَى، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدْعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، وَاَللَّهِ لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَصَحَّ كَمَا تَرَى الْإِسْنَادُ الثَّابِتُ: أَنَّ هَذَا الْمُرْتَدَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي قَتْلِهِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ، وَأَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي فَوْرِهِ ذَلِكَ: أَنَّهُ سَيَأْتِي مِنْ ضِئْضِئِهِ عِصَابَةٌ إنْ أَدْرَكَهُمْ قَتَلَهُمْ، وَأَنَّهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَقَدْ خَرَجَ عَنْهُ، وَمَنْ خَرَجَ عَنْهُ بَعْدَ كَوْنِهِ فَدُخُولُهُ كَدُخُولِ السَّهْمِ فِي الرَّمِيَّةِ، فَقَدْ ارْتَدَّ عَنْهُ.
فَصَحَّ إنْذَارُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِوُجُوبِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ، وَأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ سَيَأْمُرُ بِذَلِكَ الْوَقْتِ - فَثَبَتَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ قَتْلَ مَنْ ارْتَدَّ كَانَ حَرَامًا - وَلِذَلِكَ نَهَى عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ يَأْذَنْ بِهِ لَا لِعُمَرَ، وَلَا لِخَالِدٍ.
ثُمَّ إنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَذَرَ بِأَنَّهُ سَيُبَاحُ قَتْلُهُ، وَأَنَّهُ سَيَجِبُ قَتْلُ مَنْ يَرْتَدُّ فَصَحَّ يَقِينًا نَسْخُ ذَلِكَ الْحَالِ، وَقَدْ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاذٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِذْ قَدْ بَطَلَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ مِنْ أَنْ لَا يُقْتَلَ الْمُرْتَدُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute