قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ دُلَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْخَلَّاصِ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَاشِمِيُّ ثَنْي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ نا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: سَمِعْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ جُلِدَ، وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ، قِيلَ لَهُ: لِمَ يُقْتَلُ فِي عَائِشَةَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: ١٧] .
قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ قُتِلَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْلُ مَالِكٍ هَاهُنَا صَحِيحٌ، وَهِيَ رِدَّةٌ تَامَّةٌ، وَتَكْذِيبٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَطْعِهِ بِبَرَاءَتِهَا.
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ سَائِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا فَرْقَ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: ٢٦] فَكُلُّهُنَّ مُبَرَّآتٌ مِنْ قَوْلٍ إفْكٍ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَمَّا الذِّمِّيُّ يَسُبُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ أَصْحَابَنَا، وَمَالِكًا، وَأَصْحَابَهُ، قَالُوا: يُقْتَلُ وَلَا بُدَّ. وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ: أَنْ لَا يَذْكُرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَا يَنْبَغِي، أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ أَوْ تَزَوَّجَهَا، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ أَعَانَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِدَلَالَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ آوَى عَيْنًا لَهُمْ، فَقَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ، وَحَلَّ دَمُهُ، وَبَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ - فَتَأَوَّلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ: أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا عَلَيْهِمْ لَمْ يَسْتَحِلَّ دَمَهُمْ بِذَلِكَ؟ قَالَ عَلِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا خَطَأٌ مِمَّنْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ عَنْهُ، وَلَا عَنْ غَيْرِهِ فِي الذِّمِّيِّ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ قَدْ حَلَّ بِذَلِكَ دَمُهُ - تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَشَرَطَ لَهُمْ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَهُمْ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيِّينَ: أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute