للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَانِيَةً، وَلَا يَأْتِي بِهَذِهِ الْفَضِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا مُصَرِّحُونَ بِأَنَّ قَوْلَ الصَّاحِبِ حُجَّةٌ فَهَبْكَ لَوْ لَمْ يُسْنَدْ.

أَمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ تُرَجِّحَ إمَّا قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ أَوْ قَوْلَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَكَيْفَ وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ مِمَّا يَضُرُّ الْحَدِيثَ شَيْئًا لِأَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، وَأَيُّوبَ وَزَكَرِيَّا بْنَ إِسْحَاقَ لَيْسُوا بِدُونِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ فَكَيْفَ وَاَلَّذِي أَسْنَدَهُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ أَوْثَقُ، وَأَضْبَطُ مِنْ الَّذِي أَوْقَفَهُ عَنْهُ، وَأَيُّوبُ لَوْ انْفَرَدَ لَكَانَ حُجَّةً عَلَى جَمِيعِهِمْ؛ فَكَيْفَ وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ، وَهُوَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِهِ، فَحَدَّثَ بِهِ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ؟ .

ثُمَّ لَوْ لَمْ يَأْتِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصْلًا لَكَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ سَرْجِسَ وَابْنِ بُحَيْنَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ كِفَايَةٌ لِمَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ، وَلَمْ يَتَّبِعْ هَوَاهُ فِي تَقْلِيدِ مَنْ لَا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، وَنَصْرِ الْبَاطِلِ بِمَا أَمْكَنَ مِنْ الْكَلَامِ الْغَثِّ؟ .

فَكَيْفَ وَقَدْ رُوِّينَا بِأَصَحِّ طَرِيقٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَلَا تُسْرِعُوا فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» .

فَهَذَا فَرْضٌ لِلدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ كَيْفَمَا وُجِدَ، وَتَحْرِيمٌ لِلِاشْتِغَالِ بِشَيْءٍ عَنْ ذَلِكَ.

وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِ ابْنِ سَرْجِسَ وَابْنِ بُحَيْنَةَ بِضَحِكَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ قَالَ: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا مُخْتَلِطًا بِالنَّاسِ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا كَذِبٌ مُجَرَّدٌ، وَمُجَاهَرَةٌ سَمِجَةٌ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ نَفْسِهِ [أَنَّهُ لَمْ]

<<  <  ج: ص:  >  >>