للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْبُخَارِيُّ: كَانَ خَالِدٌ الْمَدَائِنِيُّ يُدْخِلُ الْأَحَادِيثَ عَلَى الشُّيُوخِ؟ يُرِيدُ: أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ فِي رِوَايَتِهِمْ مَا لَيْسَ مِنْهَا.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِيهِ خِلَافٌ لِقَوْلِنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدَّمَ الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ؛ وَلَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدَّمَ الْعَتَمَةَ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ، فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ فِي اشْتِرَاكِ الْوَقْتَيْنِ؛ وَفِي تَقْدِيمِ صَلَاةٍ إلَى وَقْتِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ وَتَأْخِيرِهَا إلَى وَقْتِ غَيْرِهَا بِالرَّأْيِ وَالظَّنِّ؟ لَا سِيَّمَا مَعَ نَصِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى أَنَّ «وَقْتَ الظُّهْرِ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ» .

وَأَنَّ «آخِرَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغْرُبْ الْأُفُقُ، وَأَوَّلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ إذَا غَابَ الْأُفُقُ؟» فَهَذَا نَصٌّ يُبْطِلُ الِاشْتِرَاكَ جُمْلَةً، وَأَمَّا النَّاسِي وَالنَّائِمُ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» .

فَصَحَّ أَنَّ وَقْتَهَا مُمْتَدٌّ لِلنَّاسِي وَلِلنَّائِمِ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ مُمْتَدٌّ لِلْمُجِدِّ فِي السَّيْرِ، وَفِي مُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ: مُنْتَقِلٌ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ.

وَانْتِقَالُ الْأَوْقَاتِ أَوْ تَمَادِيهَا أَوْ حَدُّهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ إلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَلْتَزِمُوا قِيَاسًا فِي شَيْءٍ مِمَّا قَالُوهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا؟ ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ -: فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِحَدِيثٍ ذَكَرَ: أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ «أَنَّ جَبْرَائِيلُ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَأَمَرَهُ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>