أَوْلَى بِهِ وَفِي هَذَا بُطْلَانُ جَمِيعِ الشَّرِيعَةِ، وَبُطْلَانُ جَمِيعِ الْمَعْقُولِ، وَالسَّفْسَطَةُ الْمُجَرَّدَةُ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْبَلَاءِ؟ .
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤] فَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ، بَلْ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَمُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى أَجَلُ الْكَوْنِ فِي الْعِدَّةِ، لَا أَجَلُ انْقِضَائِهَا، لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلًا، وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَأْمُرَ بِالْبَاطِلِ وَكَذَلِكَ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ» أَيْضًا حَقِيقَةٌ عَلَى ظَاهِرِهِ - وَمَا أَذَانُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ إلَّا بَعْد الْفَجْرِ، وَأَمْرِ الْإِصْبَاحِ: لَا قَبْلَهُمَا؟ وَلَوْ كَانَ مَا ظَنُّوهُ: لَحَرُمَ الْأَكْلُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهَذَا مَا لَا يَقُولُونَهُ، وَلَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ؟ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ بِتَقْدِيمِ الْمَرِيضِ - الَّذِي يُخْشَى ذَهَابُ عَقْلِهِ - الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ، وَالْعَتَمَةَ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ -: خَطَأٌ ظَاهِرٌ.
وَلَا يَخْلُو وَقْتُ الظُّهْرِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا وَقْتًا لِلْعَصْرِ، وَيَكُونُ وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَقْتًا لِلْعَتَمَةِ، أَوْ لَا يَكُونُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِنْ كَانَ وَقْتُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَقْتًا لِلْعَصْرِ وَلِلْعَتَمَةِ أَيْضًا -: فَتَقْدِيمُ الْعَتَمَةِ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ - الَّذِي هُوَ وَقْتٌ لَهَا - وَتَقْدِيمُ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ - الَّذِي هُوَ وَقْتٌ لَهَا أَيْضًا -: جَائِزٌ لِغَيْرِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي الْعَتَمَةَ وَالْعَصْرَ أَيْضًا فِي وَقْتَيْهِمَا، وَهَذَا مَا لَا يَقُولُهُ؟ .
وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتًا لِلْعَصْرِ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ لَيْسَ وَقْتًا لِلْعَتَمَةِ -: فَقَدْ أَبَاحَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً قَبْلَ وَقْتِهَا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ؟ وَلَئِنْ جَازَ ذَلِكَ فِي هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ لَيَجُوزَنَّ ذَلِكَ لَهُ أَيْضًا فِي تَقْدِيمِ الظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَتَقْدِيمِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَتَقْدِيمِ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهَذَا مَا لَا يَقُولُهُ - فَقَدْ ظَهَرَ التَّنَاقُضُ فَإِنْ قَالَ: لَيْسَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَقْتًا لِلْعَصْرِ إلَّا لِلْمَرِيضِ الَّذِي يُخْشَى ذَهَابُ عَقْلِهِ: كُلِّفَ الدَّلِيلَ عَلَى هَذَا التَّخْصِيصِ الْمُدَّعَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَاَلَّذِي لَا يَعْجَزُ عَنْ مِثْلِهِ أَحَدٌ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute