قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] ، وَلَيْسَ الْمَرْءُ مُضْطَرًّا إلَى لِبَاسِ ثَوْبٍ يَقْدِرُ عَلَى خَلْعِهِ، وَلَا إلَى الْبَقَاءِ فِي مَكَان يَقْدِرُ عَلَى مُفَارَقَتِهِ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ إلَى التَّعَرِّي إذَا لَمْ يَجِدْ مَا أُبِيحَ لَهُ لِبَاسُهُ؛ فَإِنْ خَشِيَ الْبَرْدَ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُضْطَرٌّ إلَى مَا يَطْرُدُ بِهِ الْبَرْدَ عَنْ نَفْسِهِ؛ فَيُصَلِّي بِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَهُ حِينَئِذٍ؟ وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنْ نَسِيَ حَتَّى عَمِلَ عَمَلًا مُفْتَرَضًا عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ أَلْغَاهُ، وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ وَأَتَى بِذَلِكَ الْعَمَلِ كَمَا أُمِرَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ، مَا لَمْ تُنْتَقَضْ طَهَارَتُهُ؟ .
فَلِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُقُوطِ مَا نَسِيَهُ الْمَرْءُ فِي صَلَاتِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُ؟ ؛ وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] .
وَلِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ» بِأَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ؛ وَهَذَا قَدْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ سَاهِيًا مَا لَوْ تَعَمَّدَهُ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ أَعَادَهَا أَبَدًا مَتَى ذَكَرَ؟ فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» ، وَبَعْضُ الصَّلَاةِ صَلَاةٌ عَلَيْهِ فَفَرْضٌ أَنْ يُصَلِّيَهَا، وَأَنْ يَأْتِيَ بِمَا نَسِيَ، وَبِمَا لَا يُجْزِئُ - إذَا مَا نَسِيَ - إلَّا بِهِ، مِنْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ، أَوْ ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى تَرْتِيبِهَا، إلَى أَنْ يُتِمَّ مَا نَسِيَ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنْ لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ إلَّا فِي مَكَان مِنْ صَلَاتِهِ لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ، إلَى آخِرِ كَلَامِنَا؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ وَفَّى جَمِيعَ أَعْمَالِ صَلَاتِهِ سَالِمَةً كَمَا أُمِرَ؛ وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَعْمَالُ الزَّائِدَةَ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جَائِزَةً دُونَهَا -: فَإِنَّهَا فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ، وَفِي حَالٍ لَوْ تَعَمَّدَ فِيهَا مَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَكَانَ مِنْهُ فِيهَا مَا كَانَ نَاسِيًا فَزَادَ فِي صَلَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute