للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلًا بِالسَّهْوِ لَا يَجُوزُ لَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا سُجُودُ السَّهْوِ، كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَرُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ لِلْقَذَرِ الَّذِي كَانَ فِيهِمَا، وَعَنْ الْحَسَنِ إذَا رَأَيْت فِي ثَوْبِك قَذَرًا فَضَعْهُ عَنْك وَامْضِ فِي صَلَاتِك، وَقَدْ أَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: غَسْلَ الرُّعَافِ فِي الصَّلَاةِ؟ فَأَمَّا الصَّلَاةُ بِالنَّجَاسَةِ: فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُعِيدُ الْعَامِدُ لِذَلِكَ وَالنَّاسِي إلَّا فِي الْوَقْتِ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَدَّى الصَّلَاةَ الَّتِي أُمِرَ بِهَا كَمَا أُمِرَ، أَوْ لَمْ يُؤَدِّهَا كَمَا أُمِرَ؛ فَإِنْ كَانَ أَدَّاهَا كَمَا أُمِرَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ظُهْرَيْنِ، وَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ صَلَاةً قَدْ صَلَّاهَا؟ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤَدِّهَا كَمَا أُمِرَ فَمِنْ قَوْلِهِ أَنْ يُصَلِّيَ مَنْ لَمْ يُصَلِّ أَبَدًا؛ فَظَهَرَ بُطْلَانُ هَذَا الْقَوْلِ؟ .

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الَّتِي تَأْمُرُونَهُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي الْوَقْتِ وَلَا تَأْمُرُونَهُ بِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ: أَفَرْضٌ هِيَ عِنْدَكُمْ أَمْ نَافِلَةٌ؟ وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ؟ وَبِأَيِّ نِيَّةٍ يُصَلِّيهَا؟ أَبِنِيَّةِ أَنَّهَا الْفَرْضُ اللَّازِمُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمْ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ؟ أَمْ بِلَا نِيَّةٍ، لَا لِفَرْضٍ وَلَا لِتَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: هِيَ فَرْضٌ وَلَا يُصَلِّيهَا إلَّا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ؛ فَمِنْ أَصْلِكُمْ الَّذِي لَمْ تَخْتَلِفُوا فِيهِ: أَنَّ الْفَرْضَ يُصَلَّى أَبَدًا، وَلَا يَسْقُطُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فِيهِ، فَهَذَا تَنَاقُضٌ وَهَدْمٌ لِأَصْلِكُمْ.

وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا وَتَأْمُرُونَهُ بِأَنْ يَدْخُلَ فِيهَا بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَإِنَّ التَّطَوُّعَ لَا يُجْزِئُ بَدَلَ الْفَرْضِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ تَرْكَ الْفَرْضِ وَيُصَلِّيَ التَّطَوُّعَ عِوَضًا مِنْ الْفَرْضِ؛ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَهُ بِذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ؛ بَلْ هُوَ خُرُوجُ الْكُفْرِ بِلَا شَكٍّ وَإِنْ قُلْتُمْ: لَا يُصَلِّيهَا بِنِيَّةِ فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ؟ كَانَ هَذَا بَاطِلًا مُتَيَقَّنًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَهَذَا لَا عَمَلَ لَهُ، إذْ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، فَقَدْ أَمَرْتُمُوهُ بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَا يَحِلُّ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: يُعِيدُ أَبَدًا فِي الْعَمْدِ، وَالنِّسْيَانِ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>