للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: الْكَفُّ، وَالْخَاتَمُ، وَالْوَجْهُ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: الْوَجْهُ، وَالْكَفَّانِ، وَعَنْ أَنَسٍ: الْكَفُّ، وَالْخَاتَمُ وَكُلُّ هَذَا عَنْهُمْ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّابِعِينَ قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ قَالُوا: قَدْ جَاءَ الْفَرْقُ فِي الْحُدُودِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ. قُلْنَا: نَعَمْ، وَبَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ؛ فَلِمَ سَاوَيْتُمْ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِيمَا هُوَ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِيمَا هُوَ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ وَالنَّصُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَمَةِ كَوُجُوبِهَا عَلَى الْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا، مِنْ الطَّهَارَةِ، وَالْقِبْلَةِ، وَعَدَدِ الرُّكُوعِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَكُمْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَوْرَةِ وَهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ، وَهَذَا مِقْدَارُ قِيَاسِهِمْ، الَّذِي لَا شَيْءَ أَسْقَطَ مِنْهُ وَلَا أَشَدَّ تَخَاذُلًا، فَلَا النَّصَّ اتَّبَعُوا وَلَا الْقِيَاسَ عَرَفُوا، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ فَرَّقْتُمْ أَنْتُمْ بَيْنَ مَنْ اُضْطُرَّ الْمَرْءُ إلَيْهِ بِعَدَمٍ أَوْ إكْرَاهٍ فِي الصَّلَاةِ مَكْشُوفِ الْعَوْرَةِ، وَفِي مَكَان فِيهِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ اجْتِنَابُهُ، أَوْ فِي ثِيَابِهِ، أَوْ فِي جَسَدِهِ؛ فَأَجَزْتُمْ صَلَاتَهُ كَذَلِكَ -: وَبَيْنَ صَلَاتِهِ كَذَلِكَ نَاسِيًا فَلِمَ تُجِيزُوهَا. قُلْنَا: نَعَمْ، فَإِنَّ النُّصُوصَ قَدْ جَاءَتْ بِأَنَّ كُلَّ مَا نَسِيَهُ الْمَرْءُ مِنْ أَعْمَالِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ دُونَهَا؛ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إتْيَانِهَا؛ كَمَنْ نَسِيَ الطَّهَارَةَ، أَوْ التَّكْبِيرَ، أَوْ الْقِيَامَ؛ أَوْ السُّجُودَ، أَوْ الرُّكُوعَ، أَوْ الْجُلُوسَ. وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ فَعَوَّضَ الْقُعُودَ مَكَانَ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ الْقِيَامَ مَكَانَ الْقُعُودِ، أَوْ الرُّكُوعَ مَكَانَ السُّجُودِ -: فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ. وَقَدْ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا» ؛ وَبَعْضُ الصَّلَاةِ صَلَاةٌ بِلَا خِلَافٍ؛ فَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِمَا كَمَا أَمَرَ نَاسِيًا فَقَدْ نَسِيَ مِنْ صَلَاتِهِ جُزْءًا وَأَتَى بِمَا لَيْسَ صَلَاةً، إذْ صَلَّى بِخِلَافِ مَا أَمَرَ؛ فَمِنْ هَهُنَا أَوْجَبْنَا عَلَى النَّاسِي أَنْ يَأْتِيَ بِمَا نَسِيَ كَمَا أَمَرَ وَأَجَزْنَا صَلَاتَهُ كَذَلِكَ فِي الْإِكْرَاهِ بِغَلَبَةٍ أَوْ عَدَمٍ؛ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ بِجَوَازِ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فِي عَدَمِ الْقُوَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>