للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: لِلْإِمَامِ سَكْتَتَانِ فَاغْتَنَمُوا الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، حِينَ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَحِينَ يَقُولُ: {وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] . وَالرِّوَايَاتُ هَهُنَا تَكْثُرُ جِدًّا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فَرْضًا، وَإِنْ قَرَأَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ مِثْلَ: " آيَةِ الدَّيْنِ " وَنَحْوِهَا وَلَمْ يَقْرَأْ أُمَّ الْكِتَابِ أَجْزَأَهُ وَالْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْ الصَّلَاةِ فَقَطْ إمَّا الْأُولَيَيْنِ أَوْ الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِمَّا وَاحِدَةٌ فِي الْأُولَيَيْنِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَلَا يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ شَيْئًا أَصْلًا، أَجْهَرَ الْإِمَامُ أَوْ أَسَرَّ. وَقَالَ مَالِكٌ: قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فَرْضٌ فِي جُمْهُورِ الصَّلَاةِ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فَإِنْ تَرَكَاهُ فِي رَكْعَةٍ، فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ، فَمَرَّةً رَأَى أَنْ يُلْغِيَ الرَّكْعَةَ وَيَأْتِيَ بِأُخْرَى وَمَرَّةً رَأَى أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَأَجَازَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ أُمَّ الْقُرْآنِ وَسُورَةً إذَا أَسَرَّ الْإِمَامُ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبِأُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يُسِرُّ فِيهَا مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ. وَاخْتَارَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يَجْهَرُ فِيهَا الْإِمَامُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ كَقَوْلِنَا - وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا -: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فَرْضٌ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ - أَسَرَّ الْإِمَامُ أَوْ جَهَرَ - وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هَذَا فَرْضٌ عَلَيْهِ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ الْإِمَامُ خَاصَّةً؛ وَلَا يَقْرَأُ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وُجُوبِ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَرْضًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ. قَالَ عَلِيٌّ: احْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ أُمَّ الْقُرْآنِ فَرْضًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠] وَبِتَعْلِيمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِي أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ فَقَالَ لَهُ: «اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» . قَالَ عَلِيٌّ: حَدِيثُ عُبَادَةَ يُبَيِّنُ هَذَا الْخَبَرَ الْآخَرَ؛ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِإِيجَابِ قِرَاءَتِهِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ: هُوَ أُمُّ الْقُرْآنِ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>