للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَعَلَّ هَذَا الْخَبَرَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالُوا: الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيُّ. وَعَمَدُوا إلَى لَفْظٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ رُوَاةِ الْخَبَرِ وَهُوَ «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَقَالُوا: هَذَا إخْبَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَتَمْوِيهٌ وَظَنٌّ كَاذِبٌ -: أَمَّا قَوْلُهُمْ: لَعَلَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ قَبْلَ يَوْمِ بَدْرٍ بِيَقِينٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا الْفَرَبْرِيُّ ثنا الْبُخَارِيُّ ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ هُوَ مُحَمَّدٌ - ثنا الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَقَالَ: إنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا» . وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ شَهِدَ بَدْرًا بَعْدَ إقْبَالِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ - وَكِلَاهُمَا مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ - يَذْكُرَانِ جَمِيعًا حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ، وَإِسْلَامُهُمَا بَعْدَ بَدْرٍ بِأَعْوَامٍ - وَكَذَلِكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ خَدِيجٍ أَيْضًا. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فَتَمْوِيهٌ بَارِدٌ، لِوُجُوهٍ -: أَحَدُهَا: أَنَّ أَعْلَى مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَلَمْ يُولَدْ إلَّا بَعْدَ بَدْرٍ بِبِضْعَةِ عَشَرَ عَامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>