للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِتَانٍ لِخِتَانٍ، فَوَجَبَ فِيهِ حُكْمُ عُمُومِ الْإِجْنَابِ وَمُجَاوَزَةِ الْخِتَانِ لِلْخِتَانِ؟ وَكَمَا قَالُوا فِيمَنْ قَاتَلَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَجُرِحَ جِرَاحَاتٍ مَنَعَتْهُ مِنْ الْقِيَامِ، فَإِنَّ لَهُ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ جَالِسًا مَا لِمَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا فَرْقَ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «صَلُّوا قِيَامًا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا» .

فَإِنْ قِيلَ لَنَا: فَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَنْ صَلَّى فِي غَيْرِ سَبِيلِ الْحَقِّ رَاكِبًا أَوْ مُقَاتِلًا أَوْ مَاشِيًا فَلَا صَلَاةَ لَهُ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، إنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوا فِي صَلَاتِهِمْ حَرَكَاتٍ لَا يَحِلُّ لَهُمْ فِعْلُهَا، فَبِذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَوْ رَكْعَةً فِي صَلَاتِهِ شَيْئًا غَيْرَهَا، وَأَمَّا الَّذِينَ ذَكَرْتُمْ فَمَشَوْا مَشْيًا مُحَرَّمًا فِي الصَّلَاةِ، وَقَاتَلُوا فِيهَا قِتَالًا مُحَرَّمًا؟ وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ الَّذِينَ أَتَوْا إلَى عُمُومِ اللَّهِ تَعَالَى لِلسَّفَرِ، وَعُمُومِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلسَّفَرِ - {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]- فَخَصُّوهُ بِآرَائِهِمْ وَلَمْ يَرَوْا قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي سَفَرِ مَعْصِيَةٍ ثُمَّ أَتَوْا إلَى مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَبْطَلَ فِيهِ الْعُمُومَ، مِنْ تَحْرِيمِهِ الْمَيْتَةَ جُمْلَةً، ثُمَّ قَالَ {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٤٥] .

وَقَوْلُهُ: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣] : فَقَالُوا بِآرَائِهِمْ: إنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ: حَلَالٌ لِلْمُضْطَرِّ، وَإِنْ كَانَ مُتَجَانِفًا لِإِثْمٍ، وَبَاغِيًا عَادِيًا قَاطِعًا لِلسَّبِيلِ، مُنْتَظِرًا لِرِفَاقِ الْمُسْلِمِينَ يُغِيرُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَيَسْفِكُ دِمَاءَهُمْ وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا.

وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنْ قَالُوا: حَرَامٌ عَلَيْهِ قَتْلُ نَفْسِهِ فَقُلْنَا لَهُمْ: وَلِمَ يَقْتُلْ نَفْسَهُ؟ بَلْ يَتُوبُ الْآنَ مِنْ نِيَّتِهِ الْفَاسِدَةِ، وَيَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ مِنْ حِينِهِ، وَالتَّوْبَةُ فَرْضٌ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ؟ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا: لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ، أَوْ عُمْرَةٍ.

وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>