وأظهره فسمّي اليوم الذي ملك فيه نوروز أي اليوم الجديد. وفي بعض التعاليق أن جم شاد ملك الأقاليم السبعة والجنّ والإنس، فاتخذ له عجلة ركبها، وكان أوّل يوم ركبها فيه أوّل يوم من شهر افرودين ماه «١» ، وكان مدّة ملكه لا يريهم وجهه، فلما ركبها أبرز لهم وجهه، وكان له حظ من الجمال وافر، فجعلوا يوم رؤيتهم له عيدا، وسمّوه نوروزا. ومن الفرس من يزعم أنه اليوم الذي خلق الله فيه النّور، وأنه كان معظّما قبل جم شاد. وبعضهم يزعم أنه أوّل الزمان الذي ابتدأ الفلك فيه بالدّوران. ومدّته عندهم ستة أيام أوّلها اليوم الأوّل من شهر افرودين ماه «٢» الذي هو أوّل شهور سنتهم. ويسمّون اليوم السادس النّوروز الكبير، لأن الأكاسرة كانوا يقضون في الأيام الخمسة حوائج الناس على طبقاتهم، ثم ينتقلون إلى مجالس أنسهم مع ظرفاء خواصّهم.
وحكى ابن المقفّع أنه كان من عادتهم فيه أن يأتي الملك رجل من الليل قد أرصد لما يفعله، مليح الوجه، فيقف على الباب حتّى يصبح، فإذا أصبح دخل على الملك من غير استئذان، ويقف حيث يراه، فيقول له: من أنت؟ ومن أين أقبلت؟ وأين تريد؟ وما اسمك؟ ولأيّ شيء وردت؟ وما معك؟ فيقول: أنا المنصور، واسمي المبارك، ومن قبل الله أقبلت، والملك السعيد أردت، وبالهناء والسلامة وردت ومعي السّنة الجديدة، ثم يجلس، ويدخل بعده رجل معه طبق من فضّة وعليه حنطة، وشعير، وجلبان وحمّص وسمسم، وأرزّ من كل واحد سبع سنبلات، وسبع حبّات وقطعة سكّر، ودينار ودرهم جديدان؛ فيضع الطبق بين يدي الملك، ثم تدخل عليه الهدايا، ويكون أوّل من يدخل عليه بها وزيره، ثم صاحب الخراج، ثم صاحب المعونة «٣» ، ثم الناس على طبقاتهم، ثم يقدّم للملك رغيف كبير من تلك الحبوب مصنوع موضوع في سلّة، فيأكل منه ويطعم من حضر، ثم يقول: هذا يوم جديد، من شهر جديد، من عام جديد، يحتاج أن