للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجدّد فيه ما أخلق من الزّمان، وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس لفضله على سائر الأعضاء؛ ثم يخلع على وجوه دولته، ويصلهم، ويفرّق عليهم ما وصل إليه من الهدايا.

وأما عوامّ الفرس فكانت عادتهم فيه رفع النار في ليلته، ورشّ الماء في صبيحته؛ ويزعمون أن إيقاد النّيران فيه لتحليل العفونات التي أبقاها الشّتاء في الهواء. ويقال إنما فعلوا ذلك تنويها بذكره، وإشهارا لأمره. وقالوا في رشّ الماء:

إنما هو بمنزلة الشّهرة «١» لتطهير الأبدان مما انضاف إليها من دخان النار الموقدة في ليلته.

وقال آخرون: إن سبب رش الماء فيه أن فيروز بن يزدجرد لما استتم سورجيّ، وهي أصبهان القديمة، لم تمطر سبع سنين في ملكه، ثم مطرت في هذا اليوم ففرح الناس بالمطر وصبّوا من مائه على أبدانهم من شدّة فرحهم به، فصار ذلك سنّة عندهم في ذلك اليوم من كل عام، وما أحلى قول بعضهم يخاطب من يهواه، ويذكر ما يعتمد في النيروز من شب النّيران وصبّ الأمواه:

كيف ابتهاجك بالنّيروز يا سكني ... وكلّ ما فيه يحكيني وأحكيه

فتارة كلهيب النّار في كبدي ... وتارة كتوالي عبرتي فيه

أسلمتني فيه يا سؤلي إلى وصب ... فكيف تهدي الى من أنت تهديه

وأوّل من رسم هدايا النّيروز والمهرجان في الإسلام الحجّاج بن يوسف الثّقفيّ، ثم رفع ذلك عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، واستمرّ المنع فيه إلى أن فتح باب الهديّة فيه أحمد بن يوسف الكاتب فإنه أهدى فيه للمأمون سفط ذهب فيه قطعة عود هنديّ في طوله وعرضه، وكتب معه: هذا يوم جرت فيه العادة، بإتحاف العبيد السادة، وقد قلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>