للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطيب له من جاه خدمته- فإنه قد قيل «الزم الصحة «١» يلزمك العمل» ؛ لأنه يمتنع من المنافع التي تصل إليه من أطيب المكاسب، وتسلم من تبعات العاجل والآجل، وتخلص من قبيح الأحدوثة «٢» وإطلاق ألسن الحسدة بالطعن والتأنيب، وينال بجاه السلطان ونفوذ الأمر من غير خيانة للمؤتمن ولا اشتكاء للرعية- فإنه لولا هذه المنافع لغني الانسان بالقناعة، ورضي بالكفاف، وسلم من المخاطرة بدينه ودنياه في سلامة السلطان. إذ لا يجوز أن يستفرغ وسعه ويعرّض نفسه للخطر فيما لا تحسن له عائدة، ولا تخلص منه فائدة، في جاه ولا مال. وقد علم ما كان عليه أهل هذه الطبقة في سائر الدول وما حصلوه من الذخائر واقتنوه من القنيات النفيسة، التي أقدرتهم على إظهار مروءاتهم، واتخاذ الصنائع عند الأحرار، وحراسة النعم على الدوائر «٣» والأعقاب. وإنما حصلوا على ذلك من حيث معرفتهم بوجوه المكاسب، وأبواب المرافق، لا من الخيانة وذميم الطعم «٤» . لأنهم كانوا في أزمنة لا يغضى فيها عن متكسّب من رشوة ولا مصانعة ولا اغتصاب ولا سبب من أسباب الظلم وان جلت منزلته وعظمت مرتبته.

ومنها طلب الثناء والحمد وهو من أفضل المقاصد السنية وأعلاها رتبة- لأنه يتلو الأجر في البقاء والدوام، وكلما كانت الهمة أعظم وأشرف، كانت إليه أرغب وبه أكلف. ولفضل هذا رغب فيه الأشراف وعلية الناس حتى قال

<<  <  ج: ص:  >  >>