ورفع بخار الماء، فتفتّقت منه السماء وبسطت الأرض على ظهر النّون، فاضطرب النّون، فمادت الأرض فأثبتت بالجبال، فإنها لتفخر على الأرض لأنها أثبتت عليها» رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وروى محمد بن عمر المدائني بسنده إلى مجاهد «إن أوّل ما خلق الله اليراع، ثم خلق من اليراع القلم، فقال له: اكتب، قال: ما أكتب؟ قال: ما هو كائن، قال: فزبر القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة» . وأخرج بسنده إلى ابن عباس، قال:«أوّل ما خلق الله اليراع: وهو القصب المثقّب، فقال: اكتب قضائي في خلقي إلى يوم القيامة» . ويروى أنه لما خلقه الله تعالى نظر إليه فانشقّ بنصفين، ثم قال: اجر! قال: يا رب بما أجري؟ قال: بما هو كائن إلى يوم القيامة، فجرى على اللوح المحفوظ بذلك، وكان منه تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ
«١» . ويروى أنّ خلقه قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.
واعلم أن القلم أشرف آلات الكتابة وأعلاها رتبة، إذ هو المباشر للكتابة دون غيره، وغيره من آلات الكتابة كالأعوان، وقد قال الله تعالى: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ
«٢» فأقسم به، وذلك في غاية الشرف. ولله أبو الفتح البستيّ «٣» حيث يقول:
إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم ... وعدّوه مما يكسب المجد والكرم
كفى قلم الكتّاب عزّا ورفعة ... مدى الدّهر أن الله أقسم بالقلم
وقال تعالى: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ