بالقلم إلى نفسه. قال ابن الهيثم «١» : من جلالة القلم أن الله عز وجل لم يكتب كتابا إلا به، لذلك أقسم به. قال المدائني: وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال «من قلم قلما يكتب به علما أعطاه الله شجرة في الجنة خير من الدّنيا وما فيها» . وقد قيل الأقلام مطايا الفطن، ورسل الكرم. وقال عبد الحميد: القلم شجرة ثمرها الألفاظ، والفكر بحر لؤلؤه الحكمة، وفيه ريّ العقول الكامنة. وقال جبل بن زيد: القلم لسان البصر يناجيه بما ستر عن الأسماع. وقال ابن المقفّع: القلم بريد العلم يحث على البحر «٢» ، ويبحث عن خفيّ النظر. وقال أحمد بن يوسف: ما عبرات الغواني في خدودهن بأحسن من عبرات الأقلام. وقيل: القلم الطلسم الأكبر. وقيل: البيان اثنان: بيان لسان، وبيان بنان؛ ومن فضل بيان البنان أن ما تثبته الأقلام باق على الأبد، وما ينبسه اللسان تدرسه الأيام. ويقال: عقول الرجال تحت أسنّة أقلامها، بنوء الأقلام يصوب غيث الحكمة. وقال جعفر بن يحيى: لم أر باكيا أحسن تبسّما من القلم.
قال ابن المعتز: القلم مجهّز لجيوش الكلام، تخدمه الإرادة، ولا يملّ من الاستزادة، كأنه يقبّل بساط سلطان، أو يفتّح نور بستان.
ومن إنشاء الوزير ضياء الدين بن الأثير الجزريّ، من جواب كتبه للعماد الأصفهاني: وكيف لا يكون ذلك، وقلمها هو اليراع الذي نفثت الفصاحة في روعه، وكمنت الشجاعة بين ضلوعه، فإذا قال أراك كيف تنسّق الفرائد في الأجياد.
ومن كلام أبي حفص بن برد الأندلسيّ «٣» : ما أعجب شأن القلم! يشرب