للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم كانت دولة بني أمية فتوالت خلفاؤهم من معاوية بن أبي سفيان فمن بعده، وأمر ديوان الإنشاء في زمن كل أحد مفوّض إلى كاتب يقيمه إلى حين انقراض دولتهم. وكان الخليفة هو الذي يوقّع على القصص ويحدثها بنفسه.

والكاتب يكتب ما يبرز إليه من توقيعه ويصرّفه بقلمه على حكمه. وكان ممن اشتهر من كتّابهم بالبلاغة وقوّة الملكة في الكتابة حتى سار ذكره في الآفاق، وصار يضرب به المثل على ممرّ الأزمان عبد الحميد بن يحيى كاتب مروان بن محمد آخر خلفائهم.

فلما بزغت شمس الخلافة العباسية بالعراق وولي الخلافة أبو العبّاس السّفّاح أوّل خلفاء بني العباس، استوزر أبا سلمة الخلّال، وهو أوّل من لقّب بالوزارة في الإسلام على ما سيأتي، وتوالت الوزراء بعده لخلفاء بني العباس من يومئذ. وكان ديوان الإنشاء تارة يضاف إلى الوزارة، فيكون الوزير هو الذي ينفذ أموره بقلمه، ويتولّى أحواله بنفسه، وتارة يفرد عنه بكاتب ينظر في أمره، ويكون الوزير هو الذي ينفذ أموره بكلامه، ويصرّفها بتوقيعه على القصص ونحوها، وصاحب ديوان الإنشاء يعتمد ما يرد عليه من ديوان الوزارة، ويمشي على ما يلقى إليه من توقيعه، وربما وقّع الخليفة بنفسه حتى بعد غلبة ملوك الأعاجم من الديلم وبني سلجوق وغيرهم على الأمر والأمر على ذلك تارة وتارة إلى انقراض الخلافة من بغداد.

وكان ممن اشتهر من وزرائهم بالبلاغة حتى صار يضرب به المثل يحيى بن خالد وزير الرشيد، والحسن بن سهل، وعمرو بن مسعدة كاتب المأمون، وابن المقفّع مترجم كتاب «كليلة ودمنة» ، وسهل بن هارون الذي ترجمها. والأستاذ أبو الفضل بن العميد، والصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عبّاد وأبو إسحاق الصابي في جماعة آخرين منهم.

ثم لما انقرضت الخلافة من بغداد في وقعة هولاكو ملك التتار في سنة (ست وخمسين وستمائة) واستولت المغل والأعاجم على بغداد، بطل رسم

<<  <  ج: ص:  >  >>