وذكر الكندي في كتاب «فضائل مصر» ما يوافق ذلك: وهو أن عمرو بن العاص رضي الله عنه سار في سفح المقطّم ومعه المقوقس، فقال له عمرو: ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات كجبال الشام؟ فلو شققنا في أسفله نهرا من النيل وغرسناه نخلا؛ فقال المقوقس: وجدنا في الكتب أنه كان أكثر البلاد أشجارا ونبتا وفاكهة، وكان ينزله المقطّم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام، فلما كانت الليلة التي كلم الله تعالى فيها موسى عليه السلام، أوحى الله تعالى إلى الجبال: إني مكلّم نبيّا من أنبيائي على جبل منك، فسمت الجبال كلّها وتشامخت إلا جبل بيت المقدس فإنه هبط وتصاغر، فأوحى الله تعالى إليه: لم فعلت ذلك؟
وهو به أخبر، فقال: إعظاما وإجلالا لك يا رب! فأمر الله تعالى الجبال أن يحيّوه كل جبل مما عليه من النبت، فجاد له المقطّم بكل ما عليه من النبت حتّى بقي كما ترى، فأوحى الله تعالى إليه إني معوضك على فعلك بشجر الجنة أو غرس الجنة «١» .
وأنكر القضاعي وغيره أن يكون لمصر ولد اسمه المقطم، وجعلوه مأخوذا من القطم وهو القطع، لكونه منقطع «٢» الشجر والنبات.
قال ابن الأثير في «عجائب المخلوقات» : وفيه كنوز عظيمة، وهياكل كثيرة، وعجائب غريبة. ولملوك مصر فيه من الجواهر والذهب والفضة والأواني، والآلات النفيسة، والتماثيل العجيبة، وتراب الصنعة ما يخرج عن حدّ الإحصاء.
قال في «الروض المعطار» : وإذا دبّرت تربته حصل منها ذهب صالح.
ويلي المقطّم من جهة الشّمال «اليحاميم»«٣» وهي الجبال المتفرقة المطلة