وكيفما كان فمآلهما إلى الخراب، شأن الدنيا ومبانيها.
وقد كان المأمون، أحد خلفاء بني العباس، حين دخل إلى مصر في سنة ست عشرة ومائتين قصد هدمهما فلم يقدر، فأعمل الحيلة في فتح طاقة في أحدهما يتوصل منها إلى مزلقان «١» ، يصعد في أعلاه إلى قاعة بأعلى الهرم، بها ناووس «٢» من حجر، وينزل في أسفله إلى بئر تحت الأرض لم يعلم ما فيها.
ويقال: إنه وجد في أعلاه مالا فاعتبره فإذا هو قدر المال الذي صرفه من غير زيادة ولا نقص «٣» ؛ وقد أخذ الآن في قطع حجارتهما الظاهرة لاتخاذ البلاط منها، فإن طال الزمان يوشك أن يخربا كغيرهما من المباني.
ولله المتنبي حيث يقول:
أين الذي الهرمان من بنيانه؟ ... ما قومه؟ ما يومه؟ ما المصرع؟
تتخلّف الآثار عن أصحابها ... دهرا، ويدركها الفناء فتتبع
قال إبراهيم بن وصيف شاه في كتاب «العجائب» : وقد قيل إن هوجيب أحد ملوك مصر قبل الطوفان أيضا بنى الهرم الكبير الذي بدهشور «٤» ؛ والثاني بناه قفطريم، بن قفط، بن قبطيم، بن مصر، بن بيصر، بن حام، بن نوح عليه السلام بعد الطّوفان.
قال القضاعيّ: أما الهرم الذي بدير أبي هرميس «٥» ، وهو الهرم المدرّج، يعني الذي شماليّ أهرام دهشور؛ فإنه قبر قرياس، وهو فارس أهل مصر، كان يعدّ