فيهم بألف فارس، فلما مات جزع عليه ملكه وبنى له هذا الهرم فدفنه فيه.
قال: وقبر الملك نفسه الهرم الكبير من الأهرام التي غربيّ دير أبي هرميس، وعلى بابه لوح من الحجر الكذّان طوله ذراع في ذراع مكتوب بالخط البرباويّ «١» .
ومن عظيم بنيانهم أيضا ولطيف حكمهم (البرابي)«٢» وهي بيوت عبادة كانت لهم، زبروا «٣» فيها حكمهم، ورقموا تواريخ ملوكهم، وصوّروا فيها صور الأمم التي حولهم. فمتى قصدتهم أمة من الأمم، أوقعوا بصورهم المصوّرة من النّكال ما أرادوا، فيصيب تلك الأمة على البعد ما أوقعوه بتلك الصور، إلى غير ذلك من الحكم التي أودعوها والطّلّسمات التي وضعوها بجدرانها.
ويقال: إن أوّل من بنى البرابي بمصر دلوكة العجوز، التي ملكت مصر بعد فرعون لعنه الله!.
قال في «مسالك الأبصار» : وقد أخبرني الحكيم شمس الدين محمد بن سعد الدمشقيّ «٤» أنه رآها وتأملها، فوجدها مشتملة على جميع أشكال الفلك، وأن الذي ظهر له أنه لم يعملها حكيم واحد بل تولّى عليها قوم بعد قوم حتّى تكاملت في دور، وهو ثلاثون ألف سنة، لأن مثل هذه الأعمال لا تعمل إلا بالأرصاد ولا يكمل رصد المجموع في أقل من هذه المدّة.
قلت: ويجوز أن يكون الرّصد حصل على الوجه المذكور، وزبر ورقم في الكتب، فلما بنى الثاني هذه البرابي، نقل منها ما زبر فى الكتب من ذلك الزمن المتقدّم.