والبناء بنقضه بساحل النيل بالفسطاط والقاهرة، وتزايد الهدم فيه واستمرّ إلى الآن، حتّى لم يبق من عمارته إلا ما بساحل النيل، وما جاوره إلى ما يلي الجامع العتيق وما دانى ذلك، ودثرت أكثر الخطط القديمة وعفا رسمها، واضمحلّ ما بقي منها وتغيرت معالمه.
وإذا نظرت إلى خطط الكنديّ والقضاعي والشريف النّسّابة، عرفت ما كان الفسطاط عليه من العمارة وما صار إليه الآن؛ وإنما أجرينا ذكر بعض الخطط المتقدّمة، حفظا لأسمائها وتنبيها على ما كانت عليه، إلا أن في ساحله المطلّ على النيل الآن وما جاور ذلك المباني الحسنة، والدور العظيمة، والقصور العالية، التي تبهج الناظر، وتسرّ الخاطر.
وكان أكثر بنيانه بالآجرّ المحكوك والجبس والجير من أوثق بناء وأمكنه، وآثاره الباقية تشهد له بذلك، وقد صار ما خرب منه ودثر كيمانا كالجبال العظيمة، وهجر غالبها وترك، وسكن في بعضها رعاع الناس ممن لا يعبأ به في جوانب منها لا تعدّ في العامر.
ومن كيمانه المشهورة التي ذكرها القضاعيّ: كوم الجارح، وكوم دينار «١» ، وكوم السمكة «٢» ، وكوم الزينة «٣» ، وكوم الترمس؛ وزاد صاحب «إيقاظ المتغفل» كوم بني وائل، وكوم ابن غراب، وكوم الشقاق، وكوم المشانيق «٤» .
ويقابل الفسطاط من الجهة البحرية جزيرة الصّناعة المعروفة الآن بالرّوضة «٥» ، كانت صناعة العمائر «٦» أوّلا بها فنسبت إليها.