للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكندي: وكان بناؤها في سنة أربع وخمسين ثم غلب عليها اسم الروضة لحسنها ونضارتها وإطافة الماء بها، وما بها من البساتين والقصور، وهي جزيرة قديمة كانت موجودة في زمن الروم. وكان بها حصن عليه سور وأبراج، وبين الفسطاط وبينها جسر ممتدّ من المراكب على وجه النيل كما في جسر بغداد على الدجلة ولم يزل قائما إلى أن قدم المأمون مصر فأحدث عليه جسرا من خشب تمر عليه المارة وترجع، وبعد خروج المأمون من مصر هبّت ريح عاصفة في الليل فقطعت الجسر القديم، وصدمت بسفنه الجسر المحدث فذهبا جميعا، ثم أعيد الجسر المحدث وبطل القديم.

وقد ذكر القضاعيّ: أنه كان موجودا إلى زمنه، وكان في الدولة الفاطمية، ثم جدّد الحصن المذكور أحمد بن طولون أمير مصر في خلافة المعتمد في سنة ثلاث ومائتين، ثم استهدم بعد ذلك بتأثير النيل في أبراجه ومرور الزمان عليه، ثم بنى الصالح نجم الدين أيوب قلعة مكانه في سنة ثمان وثلاثين وستمائة «١» ، وبقيت حتّى هدمها المعز أيبك التركماني أوّل ملوك الترك. وعمر من نقضها مدرسته المعزّية برحبة الخروب، واتخذ الناس مكانها أملاكا، وهي على ذلك إلى زماننا، ولم يبق بها إلا بعض أبراج اتخذها الناس أملاكا وعمروا عليها بيوتا. فلما ملك الظاهر بيبرس، همّ بإعادتها فلم يتفق له ذلك وبقيت على حالها.

قلت: وكانت أرفة «٢» النيل التي بين جزيرة الصناعة وبين الفسطاط هي أقوى الفرقتين والتي بين الجزيرة والجيزة هي الضعيفة، ثم انعكس الأمر إلى أن صار ما بين الجزيرة والفسطاط يجف ولا يعلوه الماء إلا في زيادة النيل، ويبدو بين آخر الفسطاط وهذه الجزيرة على فوّهة خليج القاهرة. [ويوجد في أوّل

<<  <  ج: ص:  >  >>