نقل الرأس إليه فغلبه الفائز على ذلك، وأمر بابتناء هذا المشهد، ونقل الرأس إليه في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
ومن غريب ما اتفق من بركة هذه «١» الرأس الشريفة ما حكاه القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر: أن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب حتى استولى على هذا القصر بعد موت العاضد، آخر خلفاء الفاطميين بمصر، قبض على خادم من خدّام القصر وحلق رأسه وشدّ عليها طاسا داخله خنافس فلم يتأثر بها، فسأله السلطان صلاح الدين عن ذلك وما السر فيه، فأخبر أنه حين أحضرت الرأس الشريفة إلى المشهد حملها على رأسه، فخلّى عنه السلطان وأحسن إليه.
وكان بجوار القصر قصر صغير يعرف بالقصر النافعيّ من جهة السبع خوخ فيه عجائز الفاطميين.
قلت: ولم يزل هذا القصر منزلة الخلفاء الفاطميين من لدن المعزّ أوّل خلفائهم بمصر وإلى آخر أيام العاضد آخر خلفائهم، وكان الوزراء ينزلون بدار الوزارة التي ابتناها أمير الجيوش بدر الجمالي داخل باب النصر مكان الخانقاه الركنية بيبرس الآن. فلما ولي السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب الوزارة عن العاضد بعد عمه أسد الدين شير كوه، نزل بدار الوزارة المذكورة، وبقي بها حتّى مات العاضد فتحوّل إلى القصر وسكنه؛ ثم سكنه بعده أخوه العادل أبو بكر. فلما ملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر انتقل منه إلى قلعة الجبل على ما سيأتي ذكره في الكلام على القلعة إن شاء الله تعالى. وصارت دار الوزارة المتقدّمة الذكر منزلا للرسل الواردين من الممالك إلى أن عمر مكانها السلطان الملك المظفر بيبرس الجاشنكير الخانقاه المعروفة به، وخلا القصر من حينئذ من ساكنيه، وأهمل أمره فخرب.
قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر: قال لي بوّاب لباب الزّهومة اسمه