مرهف في سنة ثلاثين وستمائة: كان لي على هذا الباب المدّة الطويلة ما رأيته دخل فيه حطب ولا رمي منه تراب. قال: وهذا أحد أسباب خرابه لوقود أخشابه وتكويم ترابه؛ ثم أخذ الناس بعد ذلك في تملكه واستحكاره، وعمرت فيه المدارس والآدر، فبنى السلطان الملك الصالح «نجم الدين أيوب» فيه مدرسته الصالحية، ثم بنى «الظاهر بيبرس» فيه مدرسته الظاهرية، وبنى فيه بشتاك أحد أمراء الدولة الناصرية محمد بن قلاوون فيه قصره المعروف به، وجعلت دار الضرب في وسطه، ولم يبق من آثاره إلا البيمارستان العتيق، فإنه كان قاعة بناها العزيز بالله بن المعزّ الفاطمي على ما سيأتي ذكره.
وكذلك القبة التي على رأس السالك من هذا البيمارستان إلى رحبة باب العيد، وبعض جدر لا يعتدّ بها قد دخلت في جملة الأملاك.
وأما (أبواب القاهرة وأسوارها) فإن القائد جوهرا حين اختطّها جعل لها أربعة أبواب: بابين متقاربين، وبابين متباعدين. فالمتقاربان (باب زويلة) نسبة إلى زويلة: قبيلة من قبائل البربر الواصلين مع جوهر من المغرب، ولذلك يقع في عبارة الموثّقين وغيرهم بابا زويلة؛ وأحد هذين البابين القوس الموجود الآن المجاور للمسجد المعروف بسام بن نوح عليه السلام. والثاني كان موضع الحوانيت التي يباع فيها الجبن على يسرة القوس المتقدّم ذكره يدخل منه إلى المحمودية. وكان سبب إبطاله وسدّه أن المعزّ الذي بنيت له القاهرة لما دخلها عند وصوله من المغرب، دخل من القوس الموجود الآن هناك فازدحم الناس فيه وتجنبوا الدخول من الباب الآخر، واشتهر بين الناس أن من دخل منه لم تقض له حاجة، فرفض وسدّ وجعل زقاق جنوبيّه يتوصل منه إلى المحمودية، وزقاق شماليّه يتوصل منه إلى الأنماطيين وما يليها.
والبابان المتباعدان هما القوس الذي داخل باب الفتوح خارج حارة بهاء الدين وقوس آخر كان على حياله داخل باب النصر بالقرب من وكالة قيسون الآن،