وقد ذكر السلطان عماد الدين صاحب حماة: أن الملك الظاهر غازي بن العادل «أبي بكر بن أيوب» ساق إليها نهرا في سنة خمس وستمائة، ولعله نهر قويق المذكور. قال في «مسالك الأبصار» : ويجري إلى داخلها فرع ماء يتشعّب في دورها ومساكنها ولكنه لا يبلّ صداها ولا يشفي غلّتها، وبها الصهاريج المملوءة من ماء المطر، ومنها شرب أهلها؛ ويدخل إليها الثلج من بلادها، وليس لأهلها إليه كثير التفات لبرد هوائهم وقرب اعتدال صيفهم وشتائهم؛ وبها الفواكه الكثيرة وأكثرها مجلوب إليها من نواحيها لقلّة البساتين بها؛ وبظاهرها المروج الفيح والبرّ الممتدّ حاضرة وبادية؛ وبها عسكر كثيف وأمم من طوائف العرب والأكراد والتّركمان.
قال في «اللباب» : وكان الجند في ابتداء الاسلام ينزلون قنّسرين، وهي المدينة التي تنسب الكورة إليها على ما تقدّم ذكره ولم يكن لحلب معها ذكر.
قال ابن سعيد: ثم ضعفت بقوة حلب عليها، وهي الآن قرية صغيرة.
قال في «مسالك الأبصار» : وكانت حلب قد عظمت في أيام بني حمدان، وتاهت بهم شرفا على كيوان. جاءت الدولة الأتابكية فزادت فخارا، واتخذت لها من بروج السماء منطقة وأسوارا؛ ولم تزل على هذا يشار إليها بالتعظيم، ويأبى أهلها في الفضل عليها لدمشق التسليم؛ حتّى نزل هولاكو بحوافر خيله فهدمت أسوارها وخربت حواضرها، ولم تزل خالية من الأسوار، عريّة من الأبواب، إلى أن كانت فتنة منطاش «١» في سلطنة الظاهر برقوق والنائب بها من قبله الأمير كمشبغا، فجدّد أسوارها، ورتب أبوابها، وهي سبعة أبواب: باب قنّسرين من