وقام بأمرهم من بعده (أبو بكر ابن عمه حمامة بن محمد) وبقي حتّى هلك.
فقام من بعده ابنه (محيو) ولم يزل حتّى أصابته جراحة في بعض الحروب، وهو في عداد المنصور بن عبد المؤمن، هلك منها بعد مرجعه إلى الزّاب سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
وقام برياسته ابنه (عبد الحق بن محيو) وكان أكبر أولاده، وهو الذي تنسب إليه ملوك فاس الآن. فأحسن السّير في إمارته إلى أن كانت أيام المستنصر يوسف ابن الناصر: خامس خلفاء بني عبد المؤمن فثارت الفتنة بينه وبين بني مرين، وكانت بينهم حروب هلك في بعضها عبد الحق بن محيو.
ونصّب بنو مرين بعده ابنه أبا سعيد (عثمان بن عبد الحق) وشهرته بينهم ادرغال، ومعناه بلغتهم الأعور، وقوي سلطانه وغلب على ضواحي المغرب، وضرب الإتاوة عليهم وتابعه أكثر القبائل، وفرض على أمصار المغرب مثل فاس وتازا وغيرهما ضربية معلومة في كل سنة على أن يكفّ الغارة عنهم. ولم يزل على ذلك إلى أن قتله علج من علوجه سنة سبع وثلاثين وستمائة.
وقام بأمر بني مرين من بعده أخوه (محمد بن عبد الحق) فجرى على سنن أخيه في الاستيلاء على بلاد المغرب، وضرب الإتاوة على بلاده ومدنه إلى أن كانت أيام السعيد بن المأمون من بني عبد المؤمن، فجهّز عساكر الموحدين لقتال بني مرين، فخرجوا إليهم في جيش كثيف في سنة ثنتين وأربعين وستمائة، ودارت الحرب بينهم فكانت الهزيمة على بنى مرين، وقتل محمد بن عبد الحق.
وقام بأمرهم من بعده ابنه «١» أبو يحيى (زكريّا بن عبد الحق) وقسم جبايته ببلاد المغرب في عشائر بنى مرين، ودارت الحرب بينهم وبين الموحّدين، إلى