أن مات السعيد بن المأمون من بني عبد المؤمن، وانتقل الأمر بعده إلى ابنه عبد الله، فضعفت دولة بني عبد المؤمن. واستولى (أبو يحيى) بن عبد الحق على أكثر بلاد المغرب، وقصد فاس وبها بعض بني عبد المؤمن فأناخ عليها وتلطّف بأهلها، ودعاهم إلى الدّعوة الحفصيّة بأفريقيّة، فأجابوه إلى ذلك وبايعوه خارج باب الفتوح. ودخل إلى قصبة فاس لشهرين من موت السعيد في أوّل سنة ستّ وأربعين وستمائة، وبايعه أهل تازا وأهل سلا ورباط الفتح، واستولى على نواحيها، وأقام فيها الدّعوة الحفصيّة، واستبدّ بنو مرين بملك المغرب الأقصى، وبنو عبد الواد بملك المغرب الأوسط.
وملك سجلماسة سنة ثلاث وخمسين وستمائة من أيدي عامّة الموحّدين وبقي حتّى هلك بفاس في رجب سنة ستّ وخمسين وستمائة، ودفن بمقبرة باب الفتوح.
وتصدّى للقيام بأمره ابنه (عمر) ومال أهل الحلّ والعقد إلى عمّه أبي يوسف يعقوب بن «١» عبد الحق، وكان غائبا بتازا فقدم ثم وقع الصلح بينهما على أن ترك يعقوب الأمر لابن أخيه عمر على أن يكون له تازا وبلادها، ثم وقع الخلف بينهما والتقيا فهزم عمر ثم نزل لعمه يعقوب عن الأمر.
ورحل السلطان أبو يوسف (يعقوب بن عبد الحق) فدخل فاس مملّكا، ثم هلك عمر بعد سنة، فكفي يعقوب شأنه واستقام سلطانه، وأخذ في افتتاح أمصار المغرب. وافتتح أمره باستنقاذ مدينة سلا من أيدي النصارى، ثم قصد إلى مرّاكش فخرج إليه الخليفة المرتضى من بني عبد المؤمن، وكانت بينهما حرب هزم فيها المرتضى وقتل، وبايع الموحدون أخاه (إسحاق) ثم قبض عليه سنة أربع وستين وستمائة فقتل فيمن معه، وانقرض أمر بني عبد المؤمن من المغرب.
ووصل السلطان أبو يوسف إلى مرّاكش أوّل سنة ثمان وستين وستمائة