زيّان محمد ابن الأمير عبد الرحمن) ابن السلطان أبي الحسن. وكان قد فزع إلى ملك النصارى بإشبيلية من الأندلس، فأقام عنده خوفا من السلطان أبي سالم، فبعث إليه من أتى به، وخلع أبا عمر من الملك، وبعث إليه بالآلة والبيعة من تلقّاه بطنجة. ورحل إلى فاس في منتصف شهر صفر سنة ثلاث وستين وسبعمائة، ودخل إلى قصر الملك، فأقام به والوزير عمر بن عبد الله مستبدّ عليه لا يكل إليه أمرا ولا نهيا وحجره من كل وجه، فثقل ذلك على السلطان أبي زيّان، وأمر بعض أصحابه في الفتك بالوزير عمر، فبلغ الخبر الوزير فدخل على السلطان من غير إذن على ما كان اعتادة منه، وألقاه في بئر وأظهر للناس أنه سقط عن ظهر فرسه وهو ثمل في تلك البئر.
واستدعى من حينه (عبد العزيز) ابن السلطان أبي الحسن من بعض الدّور بالقلعة، فحضر القصر وجلس على سرير الملك، ودخل عليه بنو مرين فبايعوه وكمل أمره، وذلك في المحرم سنة ثمان وستين وسبعمائة، واستبدّ عليه كما كان مستبدّا على من قبله، فحجره ومنعه من التصرّف في شيء من أمره، ومنع الناس أن يسألوه في شيء من أمورهم، فثقل ذلك عليه غاية الثّقل، وأكنّه في نفسه إلى أن استدعاه يوما فدخل عليه القصر، وكان قد أكمن له رجالا بالقصر، فخرجوا عليه وضربوه بالسيوف حتّى مات. واستقلّ السلطان عبد العزيز بملكه، وقصد تلمسان فملكها من يد أبي حمو سلطان بني عبد الواد بالأمان بعد إجفال أبي حمو عنها.
ودخلها يوم عاشوراء سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة. وارتحل عنها آخر المحرّم إلى الغرب ووصل إلى فاس، ثم عاد إلى تلمسان وخرج منها يريد المغرب، فمرض ومات في الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وسبعمائة.
وبويع بعده ابنه (سعيد بن عبد العزيز) وهو طفل، وقام بأمره وزيره أبو بكر بن غازي ورجعوا به إلى المغرب ودخل إلى فاس وجدّدت له البيعة بها، واستبدّ عليه الوزير أبو بكر، وحجره عن التصرّف في شيء من أمره لصغره.
ورجع أبو حمو سلطان بني عبد الواد إلى تلمسان فملكها في جمادى سنة أربع وسبعين وسبعمائة.