وخرج عليه (أبو العباس أحمد بن أبي سالم) وكان بالأندلس فأجاز البحر وسار إلى فاس فملكها. ودخلها أوّل المحرّم سنة ستّ وسبعين وسبعمائة، واستقلّ بملك المغرب، وكان ذلك بموالاة ابن الأحمر صاحب الأندلس فاتّصلت بينهما بذلك الصّحبة، وتأكّدت المودّة، وتخلّى عن مرّاكش لعبد الرحمن، وكان بينهما صلح وانتقاض تارة وتارة، وقصد تلمسان فملكها من أبي حمو بعد فراره عنها، وأقام بها أياما وهدم أسوارها وخرج منها في أتباع أبي حمو.
وخالفه السلطان (موسى) ابن عمه أبي عنان إلى فاس فملكها، ونزل دار الملك بها في ربيع الأوّل سنة ستّ وثمانين وسبعمائة، وقدم السلطان أبو العباس إلى فاس، فوجد موسى ابن عمه قد ملكها ففرّ عنها إلى تازا، ثم أرسل إلى السلطان موسى بالطاعة والإذعان، فأرسل من أتى به إليه، فقيّده وبعث به إلى الأندلس واستقلّ السلطان موسى بملك المغرب، وتوفي [لثلاث سنين من خلافته]«١» وبويع بعده (المنتصر ابن السلطان أبي العباس) فلم يلبث أن خرج عليه (الواثق محمد بن أبي الفضل) ابن السلطان (أبي الحسن) من الأندلس، فسار إلى فاس ودخلها وحلّ بدار الملك بها، وبويع في شوّال سنة ثمان وثمانين وسبعمائة.
وبعث المنتصر إلى أبيه أبي العبّاس بالأندلس فأجاز السلطان أبو العبّاس من الأندلس إلى سبتة، فملكها في صفر سنة تسع وثمانين وسبعمائة، ثم استنزله عنها ابن الأحمر صاحب الأندلس وانتظمها في ملكه، ثم ظهرت دعوة السلطان أبي العبّاس بمرّاكش واستولى جنده عليها، ثم سار إليها ابنه المنتصر وملكها، وسار السلطان أبو العباس إلى فاس فملكها ودخل البلد الجديد بها خامس رمضان سنة تسع وثمانين وسبعمائة لثلاثة أعوام وأربعة أشهر من خلعه، وبعث بالواثق إلى الأندلس ثم أمر بقتله فقتل في طريقه بطنجة.