وجامعها من أبدع الجوامع وأحسنها منظرا، وهو محكم البناء لا يلاصقه بناء، تحفّ به دكاكين الشّهود والعطّارين، وقد قام سقفه على أعمدة حسان، والماء يجرى داخلة، ومساجدها [ورباطاتها] لا تكاد تحصى لكثرتها.
وذكر في «مسالك الأبصار» : أنها قليلة مهبّ الرياح، لا تجري بها الريح إلا نادرا لاكتناف الجبال إيّاها. ثم قال: وأصل أنهارها نهران عظيمان (شنيل)«١» و (حدرّه) .
أما شنيل، فينحدر من جبل شكير بجنوبيها ويمرّ على غربيّ غرناطة إلى فحصها، يشقّ فيها أربعين ميلا بين بساتين وقرى وضياع كثيرة البيوت والغلال وأبراج الحمام وغير ذلك. قال: وينتهي فحصها إلى (لوشة)«٢» حيث أصحاب الكهف على قول، وجبل شكير المذكور هو طود شامخ لا ينفكّ عنه الثلج شتاء ولا صيفا، فهو لذلك شديد البرد، ويؤثّر برده بغرناطة في الشتاء: لقربه منها إذ ليس بينه وبينها سوى عشرة أميال. وفي ذلك يقول ابن صدرة الشاعر قاتله الله:
(طويل) .
أحلّ لنا ترك الصلاة بأرضكم، ... وشرب الحميّا «٣» وهو شيء محرّم
فرارا إلى نار الجحيم لأنّها ... أرقّ علينا من شكير وأرحم!
لئن كان ربّي مدخلي في جهنّم ... ففي مثل هذا اليوم طابت جهنّم!
وأما حدرّه، فينحدر من جبل بناحية (وادياش)«٤» شرقيّ شكير فيمرّ بين