بساتين ومزارع وكروم إلى أن ينتهي إلى غرناطة، فيدخلها على باب الدفاف بشرقيها، يشقّ المدينة نصفين، تطحن به الأرحاء بداخلها، وعليه بداخلها خمس قناطر: وهي قنطرة ابن رشيق، وقنطرة القاضي، وقنطرة حمّام جاس، والقنطرة الجديدة، وقنطرة الفود، وعلى القناطر سواق ومبان محكمة. والماء يجري من هذا النهر في جميع البلد: في أسواقه وقاعاته ومساجده، يبرز في أماكن على وجه الأرض، وتخفى جداوله تحتها في الأكثر، وحيث طلب الماء وجد، وبالمدينة جبلان يشقّان وسطها، يعرف أحدهما بالخزة وموزور. والثاني بالقصبة القديمة، وبالز. وبهما دور حسان، وعلاليّ مشرفة على فحصها، فيرى منهما منظرا بديعا من فروع الأنهار والمزدرعات وغير ذلك مما يقصر عنه التخييل والتشبيه. وقد صارت قاعدة ملك الإسلام بالأندلس بيد ملوكها من بني الأحمر «١» الآتي ذكرهم في الكلام على ملوكها. قال في «مسالك الأبصار» : وبها من الفواكه التّفّاح، والقراصيا البعلبكيّة التي لا تكاد توجد في الدنيا منظرا وحلاوة حتى إنها ليعصر منها العسل.
وبها الحوز «٢» ، والقسطل، والتين، والأعناب، والخوخ، والبلّوط، وغير ذلك.
وبجبل شكير المقدّم ذكره عقاقير الهند وعشب يستعمل في الأدوية، يعرفها الشجّارون لا توجد في الهند ولا في غيره.
قال في «التعريف» : ومقرّ سلطانها منها (القصبة الحمراء) قال: ومعنى القصبة عندهم القلعة، وتسمّى حمراء غرناطة. قال في «تقويم البلدان» : وهي قلعة عالية شديدة الامتناع. قال في «مسالك الأبصار» : وهي بديعة متّسعة كثيرة المباني الضخمة والقصور ظريفة جدّا، يجري بها الماء تحت بلاط كما يجري في المدينة، فلا يخلو منه مسجد ولا بيت، وبأعلى برج منها عين ماء، وجامعها من أبدع الجوامع حسنا، وأحسنها بناء، وبه الثّريّات الفضّيّة معلّقة، وبحائط محرابه أحجار ياقوت مرصّفة في جملة مانمّق به من الذهب والفضّة؛ ومنبره من العاج