للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ملك من بعده (محمد بن قو) ثم انتقل الملك من ولد ماري جاظة إلى ولد أخيه أبي بكر.

فولي منهم (منسا موسى) بن أبي بكر. قال في «العبر» : وكان رجلا صالحا، وملكا عظيما، له أخبار في العدل تؤثر عنه، وعظمت المملكة في أيامه إلى الغاية، وافتتح الكثير من البلاد.

قال في «مسالك الأبصار» : حكى ابن أمير حاجب والي مصر عنه، أنه فتح بسيفه وحده أربعا وعشرين مدينة من مدن السّودان ذوات أعمال وقرى وضياع.

قال في «مسالك الأبصار» : قال ابن أمير حاجب: سألته عن سبب انتقال الملك إليه- فقال: إن الذي قبلي كان يظنّ أن البحر المحيط له غاية تدرك، فجهز مئين سفن، وشحنها بالرجال والأزواد التي تكفيهم سنين، وأمر من فيها أن لا يرجعوا حتّى يبلغوا نهايته أو تنفد أزوادهم، فغابوا مدّة طويلة، ثم عاد منهم سفينة واحدة وحضر مقدّمها، فسأله عن أمرهم. فقال: سارت السفن زمانا طويلا حتّى عرض لها في البحر في وسط اللّجة واد له جرية عظيمة، فابتلع تلك المراكب وكنت آخر القوم فرجعت بسفينتي، فلم يصدّقه: فجهّز ألفي سفينة ألفا للرجال وألفا للأزواد، واستخلفني وسافر بنفسه ليعلم حقيقة ذلك، فكان آخر العهد به وبمن معه. قال في «العبر» : وكان حجّه في سنة أربع وعشرين وسبعمائة في الأيام الناصرية «محمد بن قلاوون» .

قال في «مسالك الأبصار» : قال لي المهمندار خرجت لملتقاه من جهة السلطان فأكرمني إكراما عظيما، وعاملني بأجمل الآداب، ولكنه كان لا يحدّثني إلا بترجمان مع إجادته اللسان العربيّ. قال: ولما قدم، قدّم للخزانة السلطانية حملا من التّبر؛ ولم يترك أميرا ولا ربّ وظيفة سلطانيّة إلا وبعث إليه بالذهب.

وكنت أحاوله في طلوع القلعة للاجتماع بالسلطان حسب الأوامر السلطانية فيأبى خشية تقبيل الأرض للسلطان ويقول: جئت للحجّ لا لغيره، ولم أزل به حتّى وافق على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>