فلما صار إلى الحضرة السلطانية. قيل له: قبّل الأرض، فتوقف وأبى إباء ظاهرا. وقال: كيف يجوز هذا؟ فأسرّ إليه رجل كان إلى جانبه كلاما- فقال: أنا أسجد لله الذي خلقني وفطرني ثم سجد، وتقدّم إلى السلطان، فقام له بعض القيام وأجلسه إلى جانبه وتحدّثا طويلا، ثم قام السلطان موسى فبعث إليه السلطان بالخلع الكاملة له ولأصحابه، وخيلا مسرجة ملجمة. وكانت خلعته طرد وحش بقصب كثير، بسنجاب مقندس، مطرّز بزركش، على مفرج إسكندري، وكلّوتة زركش، وكلاليب ذهب، وشاش بحرير، ورقم خليفتيّ، ومنطقة ذهب مرصّعة، وسيف محلّى، ومنديل مذهب خزّ، وفرسين مسرجين ملجمين بمراكب بغل محلّاة وأعلام، وأجرى عليه الأنزال والإقامات الوافرة مدّة مقامه.
ولما آن أوان الحج بعث إليه بمبلع كبير من الدراهم، وهجن «١» جليلة كاملة الأكوار والعدّة لمركبه، وهجن أتباع لأصحابه وأزواد جمة، وركز له العليق في الطّرق، وأمر أمير الركب بإكرامه واحترامه.
ولما عاد، بعث إلى السلطان من هديّة الحجاز تبرّكا، فبعث إليه بالخلع الكاملة له ولأصحابه، والتّحف والألطاف، من البزّ السّكندريّ والأمتعة الفاخرة، وعاد إلى بلاده.
وذكر عن ابن أمير حاجب والي مصر أنه كان معه مائة حمل ذهبا أنفقها في سفرته تلك على من بطريقه إلى مصر من القبائل ثم بمصر، ثم من مصر إلى الحجاز توجّها وعودا حتّى احتاج إلى القرض، فاستدان على ذمّته من تجّار مصر بمالهم عليه فيه المكاسب الكثيرة، بحيث يحصل لأحدهم في كلّ ثلاثمائة دينار سبعمائة دينار ربحا، وبعث إليهم بذلك بعد توجّهه إلى بلاده. قال في «العبر» ويقال: إنه كان يحمل آلته اثنا عشر ألف وصيفة لا بسات أقبية الدّيباج.