قال في «مسالك الأبصار» : وذكر لي عنه ابن أمير حاجب: أنه حكى له أن من عادة أهل مملكته أنه إذا نشأ لأحد منهم بنت حسناء، قدّمها له أمة موطوءة، فيملكها بغير تزويج مثل ملك اليمن- فقلت له: إن هذا لا يحل لمسلم شرعا- فقال: ولا للملوك؟ - فقلت: ولا للملوك واسأل العلماء. فقال: والله ما كنت أعلم ذلك! وقد تركته من الآن. قال في «العبر» : ودام ملكه عليهم خمسا وعشرين سنة ومات.
فملك بعده ابنه (منسا مغا) ومعنى مغا عندهم محمد، يعنون السلطان محمدا، ومات لأربع سنين من ولايته.
وملك بعده أخوه (منسا سليمان) بن أبي بكر، وهو أخو منسا موسى المقدّم ذكره. قال في «مسالك الأبصار» : واجتمع له ما كان أخوه افتتحه من بلاد السّودان وأضافه إلى يد الإسلام، وبنى به المساجد والجوامع والمنارات، وأقام به الجمع والجماعات والأذان، وجلب إلى بلاده الفقهاء من مذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وتفقّه في الدين. قال في «العبر» ودام ملكه أربعا وعشرين سنة، ثم مات.
وولي بعده ابنه (قنبتا بن سليمان) ومات لتسعة أشهر من ملكه.
وملك بعده (ماري جاظه) بن منسا مغا بن منسا موسى فأقام أربع عشرة سنة أساء فيها السيرة، وأفسد ملكهم، وأتلف ذخائرهم بسرفه وتبذيره، حتّى انتهى به الحال في السّرف أنه كان بخزائنهم حجر ذهب، زنته عشرون قنطارا منقولا من المعدن من غير سبك ولا علاج بالنار. وكانوا يرونه من أنفس ذخائرهم لندور وجود مثله في المعدن، فباعه على تجّار مصر المتردّدين إليه بأبخس ثمن، وصرف ذلك كله في الفسوق، وكان آخر أمره أن أصابته علّة النوم وهو مرض كثيرا ما يصيب أهل تلك البلاد لا سيّما الرؤساء منهم، يأخذ أحدهم النوم حتّى لا يكاد يفيق،