للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض وخلفه بنوه من بعده. وقيل: فعيل بمعنى فاعل، ويكون المراد أنه يخلف من بعده، وعليه حمل الآية من قال إنه كان قبله في الأرض الجنّ وإنه خلفهم فيها، واختاره النّحّاس «١» في «صناعة الكتّاب» : وعليه اقتصر البغويّ في «شرح السّنّة» والماورديّ في «الأحكام السّلطانية» . قال النّحاس: وعليه خوطب أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه بخليفة رسول الله.

وقد أجازوا أن يقال في الخليفة «خليفة رسول الله» لأنه خلفه في أمّته.

واختلفوا هل يجوز أن يقال فيه خليفة الله: فجوّز بعضهم ذلك لقيامه بحقوقه في خلقه محتجّين بقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ

«٢» وامتنع جمهور الفقهاء من ذلك محتجّين بأنه إنما يستخلف من يغيب أو يموت والله تعالى باق موجود إلى الأبد لا يغيب ولا يموت. ويؤيّد ما نقل عن الجمهور بما روي أنه قيل لأبي بكر رضي الله عنه: يا خليفة الله- فقال: لست بخليفة الله ولكنّي خليفة رسول الله، وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: يا خليفة الله- فقال: ويلك! لقد تناولت متناولا بعيدا! إنّ أمّي سمّتني عمر، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلت، ثم كبرت فكنّيت أبا حفص، فلو دعوتني به قبلت، ثم ولّيتمونى أموركم فسمّيتموني أمير المؤمنين، فلو دعوتني به كفاك. وخصّ البغويّ جواز إطلاق ذلك بآدم وداود عليهما السلام، محتجّا بقوله تعالى في حق آدم: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً

«٣» وقوله في حقّ داود: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ

«٤» ثم قال: ولا يسمّى أحد خليفة الله بعدهما. قال في «شرح السنة» : ويسمّى خليفة وإن كان مخالفا لسيرة أئمة العدل.

ثم قد كره جماعة من الفقهاء منهم «أحمد بن حنبل» إطلاق اسم الخليفة

<<  <  ج: ص:  >  >>