للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما بعد خلافة «الحسن بن عليّ» رضي الله عنهما فيما حكاه النحاس وغيره، محتجّين بحديث «الخلافة بعدي ثلاثون» يعني ثلاثين سنة، وكان انقضاء الثلاثين بانقضاء خلافة الحسن، ولما انقضت الخلافة صارت ملكا. قال المعافى بن إسماعيل في تفسيره: وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل طلحة والزّبير وكعبا وسلمان عن الفرق بين الخليفة والملك- فقال طلحة والزبير لا ندري- فقال سلمان: الخليفة الذي يعدل في الرعيّة، ويقسم بينهم بالسّويّة، ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله والوالد على ولده، ويقضي بينهم بكتاب الله تعالى- فقال كعب: ما كنت أحسب أن في هذا المجلس من يفرّق بين الخليفة والملك، ولكنّ الله ألهم سلمان حكما وعلما!.

واختلف في الهاء في آخره: فقيل أدخلت فيه للمبالغة كما أدخلت في رجل داهية وراوية وعلّامة ونسّابة وهو قول الفرّاء، واستحسنه النحاس ناقلا له عن أكثر النحويين وخطّأه عليّ بن سليمان محتجّا بأنه لو كان كذلك لكان التأنيث فيه حقيقيّا، وقيل: الهاء فيه لتأنيث الصّيغة. قال النحاس: وربما أسقطوا الهاء منه وأضافوه فقالوا «فلان خليف فلان» يعنون خليفته.

ثم الأصل فيه التذكير نظرا للمعنى لأن المراد بالخليفة رجل وهو مذكّر، فيقال أمر الخليفة بكذا على التذكير، وأجاز الكوفيّون فيه التأنيث على لفظ خليفة فيقال أمرت الخليفة بكذا، وأنشد الفرّاء:

أبوك خليفة ولدته أخرى

ومنعه البصريون محتجين بأنه لو جاز ذلك لجاز قالت طلحة في رجل اسمه طلحة وهو ممتنع. فإن ظهر اسم الخليفة تعين التذكير باتّفاق فتقول قال أبو جعفر الخليفة أو قال الراضي الخليفة ونحو ذلك. ويجمع على خلفاء ككريم وكرماء، وعليه ورد قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ

«١» وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>