للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وللآراء العالية فضل السموّ والقدرة إن شاء الله تعالى» . ودون ذلك: «وللرأي السامي حكمه» ودونه: «والرأي أعلى» . ودونه: «والرأي موفّق» وموفّقا بالرفع والنصب. ودونه: «ورأيه» للمجلس: «ورأيها» للحضرة. قال: وربما قالوا: «فإن رأى مولانا أن يكون كذا وكذا أمر به أو فعل» إلا أنها لا تقوم مقام قوله: والرأي أعلى. فأما لمن دونه فمحتمل. وذكر أنه كان مصطلحهم أن يقال في آخر كتب السلطان: «فاعلم ذلك واعمل به إن شاء الله تعالى» . وإن أعيان أصحاب الأقلام كانوا يكتبونه إلى من دونهم.

قلت: والذي استقرّ عليه الحال أن يكتب في مثل ذلك: «وللآراء العالية مزيد العلوّ» وأن تختم الكتابة للأكابر بمثل: «فنحيط علمه بذلك» ولمن دونهم: «فنحيط بذلك علما» وللأصاغر: «فليعلم ذلك ويعتمده» ونحو ذلك.

قال محمد بن إبراهيم الشيبانيّ: إن احتجت إلى مخاطبة الملوك والوزراء والعلماء والكتّاب والأدباء والخطباء وأوساط الناس وسوقتهم، فخاطب كلّا منهم على قدر أبّهته وجلالته وعلوّه وارتفاعه وفطنته وانتباهه. ولكل طبقة من هذه الطّبقات معان ومذاهب يجب عليك أن ترعاها في مراسلتك إيّاهم في كتبك؛ وتزن كلامك في مخاطبتهم بميزانه، وتعطيه قسمته، وتوفيّه نصيبه، فإنه متى أهملت ذلك وأضعته، لم آمن عليك أن تعدل بهم عن طريقتهم، وتسلك بهم غير مسلكهم، وتجري شعاع بلاغتك في غير مجراه، وتنظم جوهر كلامك في غير سلكه، فلا تعتدّ بالمعنى الجزل ما لم تكسه لفظا مختلفا على قدر المكتوب إليه؛ فإنّ إلباسك المعنى- وإن صح إذا أشرب «١» - لفظا لم تجربه عادة المكتوب إليه تهجين للمعنى، وإخلال لقدر المكتوب إليه، وظلم يلحقه، ونقص مما يجب له، كما أنّ في اتباع متعارفهم، وما انتشرت به عادتهم، وجرت به سنّتهم، قطعا لعذرهم، وخروجا عن حقّهم، وبلوغا إلى غاية مرادهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>